الإعلام الاصفر ما بين الإطار والسفيرة الاحتلال

علي الحسني

العصر-إن للإعلام دور مهم في بيان الحقائق أو تزييفها وخلق رئي عام إما حقيقيًا ومطابقًا للواقع وأما مزيف وبعيد كل البعد عن الحقائق وذلك من خلال خداع الناس بأساليب مختلفة ولوصول إلى غايات معينة يبتغيها هذا الإعلام المخادع عبر التدليس وبالأخص على شريحة الشباب لأهميتها في المجتمع
وإن الإعلام الأصفر والمعادي للشعوب يستغل أي موقف سواء أكان مشروعًا أم غير مشروع أو أي هفوة من أجل النيل من قادة البلد بشكل عام وقادة الشيعة بشكل خاص في العراق وجميع دول محور المقاومة وفي هذا التزييف الإعلامي لا يكون المستهدف القائد بنفسه بل الجمهور الذي يكون خلفه بالإضافة إلى شخصه من أجل الوصول بهذا الاستهداف في نهاية الأمر إلى الشعب كله واليوم الكثير من المحللين والسياسيين والإعلاميين الذين ينتمون إلى هذا الإعلام يعيبون على قادة الإطار التنسيقي جلوسهم وتحاورهم مع سفيرة الولايات المتحدة الامريكية (ألينا رومانوسكي)

نقول هل يعلم هؤلاء أن لكل زمان ومكان أسلوبه الخاص به أم تناسوا ذلك؟
و من أجل تذكيرهم أو تنبيههم سنوضح هذا الأمر بثلاث نقاط مهمة
أولًا: العمل العسكري .
عندما يحتل البلد احتلالًا عسكريًا صريحًا من قبل قوات غازية تتصدى لها مقاومة عراقية واضحة المعالم وبمختلف صنوفها ومسمياتها وذلك بحسب متطلبات المعركة وليس أمر اعتباطي كما إن هذا لا يعني أن جميع قادة الإطار التنسيقي لديهم فصائل مقاومة بل إن العمل العسكري يختلف عن العمل السياسي وكذلك ينبغي على القارئ الكريم والشخصيات السياسية المعنية التفريق بين فصائل المقاومة وقوات الحشد الشعبي ولا يخلط المتلقي بينهما
وقد قام بهذا الدور التيار الصدري وعصائب أهل الحق وقوات بدر وغيرهم ففي فترة الاحتلال كانوا يحملون السلاح ضد القوات الاميركية ثم بعد ذلك انتقلوا إلى العمل السياسي وفصلوا بينه وبين العمل العسكري .

ثانيًا : المعارضة السياسية .
عندما يكون لأقطاب الإطار التنسيقي أو ما عرف سابقًا بالتحالف الوطني وغيرها من المسميات تمثيل سياسي في مجلس النواب ومهما كان حجم هذا التمثيل
فهو يتعامل سياسيًا مع باقي الكتل السياسية والحكومة سواء في فترة تشكيلها أو ما بعد التشكيل
وذلك كما حصل بين تحالف إنقاذ وطن والإطار التنسيقي في فترة تشكيل هذه الحكومة
ففي أول الأمر كان الإطار في موقع المعارضة ولا يملك زمام المبادرة فلجأ إلى المحكمة الاتحادية لمنع عملية إنتخاب السيد هوشيار زيباري رئيسًا للجمهورية وتكليف السيد جعفر الصدر بتشكيل الحكومة إلا بحضور ١٢٠ نائب إلى جلسة انتخاب ألرئيس .
أو تحول الإطار بجميع أقطابه أو جزءً منه إلى كتلة معارضة للحكومة المشكلة من تحت قبة البرلمان وتكون هذه المعارضة معارضة مقومة لرئيس الوزراء وحكومته من خلال العمل البرلماني وليس معرقلة له
وذلك كما فعل ائتلاف دولة القانون أثناء حكومة السيد الكاظمي أو كما عملت د. حنان الفتلاوي أثناء حكومة السيد حيدر العبادي وغير ذلك الكثير .

ثالثًا : تشكيل الحكومة وتكليف رئيس الوزراء.
عندما يقوم الإطار التنسيقي بعد نجاح سياسي ملفت للنظر بتكليف رئيس للوزراء وتشكيل الحكومة فبلا شك هنا التعامل يختلف مع جميع الأطراف الداخلية والخارجية
فبعد ما كان جزء من الإطار مقاوم ويحمل السلاح في فترة من الفترات التي تطلبت ذلك ومن ثم معارض من داخل مجلس النواب في فترات أخر واليوم نراه هو من يشكل الحكومة وهو من يتبناها وعلى هذا فأن الإطار يتصرف كحاكم للبلد وليس كمقاوم أو كمعارض
ونتيجة لما تقدم نقول إن هذا الموقع القيادي يلزم قادة الإطار التنسيقي بالجلوس والتفاهم مع جميع الأطراف سواء أكانت سفيرة الولايات المتحدة الامريكية او غيرها وهذا لا يغير بالمبادئ الثابتة شيء
فلكل مرحلة قادتها وأسلوبها الخاص بها فللحرب رجالها وللمعارضة نوابها وللحكومة رؤسائها
وإن تغير الظروف لا يعني ذلك تخلي المقاومون عن أسلحتهم وعملهم الجهادي ضد المحتل لا ليس كذلك بل الاسلوب هو الذي يتغير بحسب متطلبات المرحلة والأهداف الأساسية تبقى ثابتة وغير قابلة للتغييروبأي شكل من الأشكال فهنالك مقاومة عسكرية ومقاومة سياسية ومقاومة إعلامية وغيرها الكثير من أنواع العمل الجهادي والمقاوم .

لاكن الأعلام الأصفر يتعامل بخبث ويستغل بساطة الناس ويدس السم بالعسل وحتى وصل هذا الإعلام إلى الرياضة و لوثها بأفكاره المسمومة .
فهذه دولة قطر وصلت إلى العالمية من خلال إعلامها واستغلالها للأحداث الرياضية وبالخصوص كرة القدم
ونكتفي هنا بذكر ثلاثة أمثلة

الأول : بعد الجرائم السعودية التي لا تعد ولا تحصى بحق الشعب العراقي إختارت المملكة الرياضة لتبييض وجهها الأسود أمام هذا الشعب فظهرت بصورة البطل المنقذ للرياضة العراقية
فعندما كان العراق يحتاج إلى منتخب له ثقل آسيوي يلعب على أرضه وبين جماهيره من أجل رفع الحضر الكروي المفروض على الملاعب العراقية استغلت السعودية الشغف الجماهيري الكبير للجمهور العراقي الذي يتمنى مشاهدة منتخب بلاده يلعب على أرضه وبين جماهيره
وفي وسط هذه الأحداث المؤلمة والشغف الجماهيري حضر المنتخب السعودي إلى العراق وخاض مباراة ودية أمام المنتخب العراقي بملعب جذع النخلة في ٢٠١٨ ونتيجة لهذا الشغف والعمل الإعلامي رفع الجمهور العراقي شعار (دارك يا الأخضر)
وخلف هذا الشعار نجد آلاف الجرائم الارهابية السعودية بحق ذلك الجمهور الذي حضر المباراة فإن هذا الإعلام المسيس دغدغ مشاعر الشباب العراقي واشتياقه لرؤية منتخب بلده يلعب على أرضه فأظهر السعودية ومنتخبها بصورة البطل المنقذ للكرة العراقية وذلك من أجل الوصول إلى قلب المواطن العراقي

الثاني : نفس هذا الأعلام الأصفر صور للناس أن إيران هي سبب خراب العراق وهي العدو الأول له وتجاهل الدور الأمريكي السلبي بحق هذا البلد الجريح وشعبه حتى وصل الحال ببعض الناس البسطاء القول (أن نهري دجلة والفرات ينبعان من الجمهورية الاسلامية) أي وصل الحال بهذا الإعلام إلى الكذب على الشمس وهي في كبد السماء
وهذا التضليل الإعلامي أنعكس على الرياضة أيضاً
ففي نهائي غرب آسيا للمنتخبات الأولمبية الذي أقيم على ملعب المدينة الدولي ببغداد في الشهر الماضي بين المنتخب العراقي والمنتخب الإيراني هتف عدد من الجمهور العراقي الحاضر بتلك المباراة بهتافات لا تمد للرياضة بأي صلة بل فيها إساءة للجمهورية الإسلامية ومنتخبها الكروي
وذلك بسبب الإشاعات والأكاذيب التي يبثها الإعلام الاصفر في المشتمع العراقي عن الجمهورية الاسلامية .

الثالث : في الجانب السياسي والشعبي وهذا نجده واضحًا بمظاهرات تشرين في ٢٠١٩ حيث قام الإعلام المعادي بالترويج لشعارات براقة تدغدغ مشاعر الفقراء لاكن العملاء وأسيادهم قاموا باستغلال مطالب الشعب المشروعة وسيروا المضاهرات بحسب ما يريدون ويشتهون من أجل الوصول إلى مبتغاهم
وبعد مرور هذه السنوات على مضاهرات تشرين نسأل ونقول أين قادة تشرين اليوم؟ هل هم مع فقراء الشعب؟ هل يشعرون بما يشعر به الشعب؟
فلو أمعنا النظر قليلًا نجدهم ما بين رئيس حزب وهم كانوا ينتقدون الأحزاب أو خارج العراق يتمتعون بالعيش الرغيد وهم كانوا يرفعون شعار (نريد وطن) أو في منصب حكومي مرموق وتناسوا تشرين ومطالبها
وأما الفقراء الذين خرجوا في ذلك اليوم فنجدهم ما بين شهيد وجريح ومعاق ومن عاد وجلس في داره كما كان قبل تشرين .

وفي الختام نقول هل سيتعامل إعلام الإطار التنسيقي وإعلام الحشد الشعبي وكل مخلص للعراق مع هذا التحدي الإعلامي كما ينبغي؟
وكذلك هل يعمل على توعية الناس وتحذيرهم من خطر التضليل الإعلامي؟
وهل سيبين لهم أهمية جهاد التبيين والنصح والإرشاد؟
نقولها وبكل أسف أن الماضي القريب في مواجهة هذا الإعلام الأصفر فقير جدا ولا يرتقي إلى مستوى الطموح في هذا الجانب المهم وأما القادم فنتمنى أن يكون أفضل وعلى مستوى المرحلة المقبلة وتحدياتها .

المزيد من المشاركات
اترك تعليقا