قانون تجريم الإساءة للمرجعيات الدينية، أو سب العلماء!

(القراءة – لماذا الآن – ما رأي المرجعية الدينية – ما الحل؟) (ج2 الأخير)

ما رأي المرجعية الدينية نفسها؟

1- كتاب مكتب السيد السيستاني، في: 13-نيسان-2020، الموجه إلى السيد حيدر كطوف علي (قاضي محكمة جنح الحلة المحترم)؛ نَصَّ كتاب المكتب على الآتي:
(اطلعنا اليوم على الحكم الصادر من محكمتكم المحترمة، بتاريخ: 5-12-2019، على المواطن (كاظم عبيس عبد) بالحبس الشديد مدة سنتين لقيامه بنشر ما يسيء إلى سمعة ومكانة المرجع الأعلى السيد السيستاني، على صفحته الشخصية.
يهمّنا أن نحيطكم علمًا بأن سماحة السيد (دام ظله) لا يرضى أبدًا بأن يعاقَب شخص بسبب نشره ما يتضمن الإساءة إليه. وبهذا يرجى اتخاذ أقصر الإجراءات القانونية للإفراج عن المواطن المذكور وإخلاء سبيله وشكرًا.)
انتهى

من أجل ذلك، كنا قد ذكرنا في الجزء الأول من الدراسة هذه، في فقرة (القراءة-5)، أنه من الواجب الاطلاع على رأي المرجعية الدينية، قبل التورط في هذا التشريع.

2- إنَّ مشروع القانون موضع الحديث، لا يستطيع وضع ضابطة ومعيار (جامع مانع)، لتحديد (مَن المرجع، فضلًا عن العالِم)! فالحوزة العلمية مدرسة عمرها أكثر من (1000) عام، وهي تسبق الأكاديميات وبرامجها وضوابطها كلها، لذلك فإنَّ هذا القانون؛ سوف يساوي بين المرجع الحقيقي بوزن (السيدين العليين، أو السيد الشهيد الثاني، أو كل مراجعنا المعروفين)؛ يساويهم مع شخصية بوزن (سقط المتاع) تسمي نفسها مرجعًا دينيًا! -حاشا مراجعنا الكرام-.

3- سيساوي مشروع القانون موضع الحديث، بين أسامة بن لادن وأبي بكر البغدادي والعرعور الإرهابيين ودعاة الإرهاب… إلخ من جهة، وبين السيد الشهيد الصدر، والسيد الشهيد الحكيم، والطبأطبائي، والشيخ بهجت وأمثال هذه القامات من جهة أخرى!

4- القانون هذا يحط من شأن المرجعية الدينية في العالَم الإسلامي، فالمرجعية الدينية لا تلاحق كل من يسيء إليها بالعقوبات القانونية، بل توجه إليه دروسًا بالتربية والأخلاق والصفح والعفو… وهذه سيرة نبينا الأعظم وآل بيته الأطهار (ص)، فالإساءة بالقول، غير حمل السيوف، أو البنادق ومحاصرة بيوت المراجع، وإحراق مراقدهم!

5- هذا القانون محاولة ليبرالية ملونة -ليقع بها المشرع العراقي- لاستصغار شأن المرجعية، وإقحام العلماني والليبرالي وأهل الفاحشة؛ في وضع قوانين تحدد صفات المرجع وخلطها بمصطلح (العالِم)، وتتدخل في منهاج الحوزة العلمية، وشهادة الاجتهاد؛ وتحقيق أكبر اختراق منهجي تأسيسي في مؤسسة المرجعية الدينية، والحوزة العلمية؛ في تاريخ النجف الأشرف، فضلًا عن المأزق الذي طرأ على القانون بتغيير اسمه في تغريدة السيد مقتدى الصدر اليوم: 17-تموز-2023، من (المرجع) إلى (العلماء)!

ما الحل؟

1- يجب استشارة المرجعية الدينية في النجف الأشرف، المتمثلة بآية الله العظمى سماحة السيد السيستاني (دام ظله)؛ قبل الانزلاق بكمين تشريع هذا القانون.

2- يمكن لقادة الإطار التنسيقي، جمع المواد الدستورية، والمواد القانونية من قانون العقوبات العراقي رقم 111 سنة (1969)، والمواد المعدلة في القانون رقم (2) سنة 1995؛ التي تعالج إساءة بمثل هذا المستوى، وعرض المواد في الإعلام ومراكز الدراسات، بعد استشارة المتخصصين، وتكون هي الإجابة الشافية عمَّا أُثير بشأن الحاجة لتشريع قانون جديد، ويكشف الإطار التنسيقي للجمهور، أنَّ الدستور والقواتين النافذة تعالج مثل هذه الإساءات، ويمكن لأي مواطن إقامة الدعوى على من يسيء إلى مقام المرجعيات الدينية، على وفق القانون (المشتكي: الحق العام).

3- حكَمَ القاضي حيدر كطوف علي (قاضي محكمة جنح الحلة المحترم) على وفق المادة (372/ 1 من قانون العقوبات والمعدلة بالقانون رقم 2 سنة 1995)، على المدان (كاظم عبيس عبد) بسبب إساءته لمقام المرجعية الدينية، وهذا ما ذكرناه في النقطة الأولى من هذا الجزء من الدراسة، وإلا على وفق أي مادة قانونية رُفِعَت الشكوى بحق من أساء لمقام المرجعية الدينية، وكيف استطاع القاضي أن يحكم؛ إن لم تكن المواد القانونية تعالج الإساءة للمرجعية الدينية؟!

4- تجنبوا تخمة تشريعات القوانين، إلا للضرورة القصوى، واعتمِدوا (التعديلات)؛ بعد عرْضِها على المتخصصين، والنُّخَب، ومراكز الدراسات.

المزيد من المشاركات
اترك تعليقا