عراق القرآن/ أبعاد ثورة القرآن في العراق

محمّد صادق الهاشميّ

بعد أنْ أقدمت الصهيونيّة بتكليف عملائها بحرق نسخة من المصحف الشريف لأهداف معلومةٍ وخطيرةٍ ومؤلمةٍ كان للشعب العراقي ّالمؤمنِ ردّة فعل غاضبة ، تكاد  تكون ثورةً بحقٍّ؛ ولأجلها  يستحق أنْ يُقال عنه: إنّه (عراق القرآن ) .

 وقف الشعب العراقيّ فيها بمختلف أطيافه وقيادته الدينية والسياسية من مرجعيةٍ وشعبٍ ونخب وعلماء وكتّاب وإعلاميين من  خلال الفتاوى والبيانات والتظاهرات، والكمّ الكبير من المقالات، فكانت بحقٍّ وقفةً يسجّلها التاريخ للشعب العراقيّ المسلم، وتكشف عن فشل المشروع الأمريكيّ الذي كان يتوهّم أنّه قد تمكّن من إضعاف عقيدة الأمّة ودورها  الريادي، وأن يفتّ في عضدها وثقافتها القرآنية الإسلامية .

وتخليداً للموقف، وإدامةً لزخم الوعي والمواجهة الفكرية المهمّة، ولكي تكون انطلاقة إلى مزيد من التصدّي في ظرف تشتدّ فيه المحاولات الاختراقية والهجمات الثقافية ضدّ الثقافة الاسلامية، نسهم في إحياء هذه الثورة في تقديم ضوء على الاحداث  .

أوّلاً: الأهداف والأبعاد :

الأبعاد الحقيقية لقيام المنظَّمات الصهيونيّة في السويد على جريمة حرق القرآن الكريم،وأهمّية الوقفة الاسلامية للشعب العراقيّ في التصدّي  لتلك الأهداف نستعرضها  على ضوء  رسالة المرجع السيد عليّ الحسينيّ السيستانيّ إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وبيان الإمام السيّد علي الخامنئي ( أطال الله تعالى عمريها الشريف) .

مَنْ يراجع سجلّ الغرب الطويل، ومدارس الاستشراق يجده حافلا بالهجوم المخطط بكُلِّ السبل على الاسلام؛ لتشويه الصورة المثالية له, فقد بالغوا في رسم صورة مشوَّهة عن الاسلام من خلال حربهم الناعمة والتركيبية لتكوين مخيلة غربية عالمية سلبية عن الاسلام، تحت شعار ومخطط ( الاسلاموفيا ) .

ونجد في مدارسهم ضدّ الاسلام وعبر التاريخ تشويهاً للقران والشريعة، وحربا على المسلمين، واستباحةً للدماء، ومصادرة للحريات، وشنّ الحروب، وتدمير المجتمعات، وخير دليل على ذلك احتلالهم فلسطين، والحرب ضدّ أفغانستان والعراق ولبنان واليمن،وبعد أنْ انتصر محور المقاومة في المنطقة وغرب آسيا تضافرت جهود الغرب ضدّالقرآن الكريم والمسلمين،ولأسباب كثيرة أخرى،وأهمّها استعادة الاسلام لمكانته العالمية بقيادة الإمام الخميني والإمام الخامنئي وفتوى  المرجع السيّد السيستانيّ، وتشكيل أمّة المقاومة في العراق، لهذا السبب أخذ الغرب يشنّ عدوانه بنحو أكثر خطورة، بالنحو الذي وصفه الإمام الخامنئي في بيانه ضدّ عملية حرق المصحف بانها بإجازة الحكومة السويدية بـ: « إعلان حرب على المسلمين » .

ومع أنّ المنهج الغربيّ الصهيونيّ قديم وعام في استهدافه الاسلام والمسلمين إلّا أنّ عملية حرق المصحف الشريف بموافقة الحكومة السويدية وحمايتها، وبنحو مكرر وأمام السفارة العراقيّة، ورافقه حرق العلم العراقيّ، وصور الإمام الخامنئي.

أبعاد وأهداف حرق المصحف الشريف:

 فإنّ ثَمّة أبعاداً وأهدافاً يراد من الغرب تحقيقها في هذه المرحلة، وثمّة دوافعَ تحرّكهم وهي :

  1. الهدف الأوّل يتمثّل بإرباك الأمن في العراق بعد أنْ تمكَّنت حكومة الإطار من توفير فرصة استقرار أمنيّ، وتمكّنت من تشكيل حكومةٍ قادرةٍ على القيام بمشاريع خدمية جيّدة نوعَاً مّا, وهذا الأمر لايروق للصهيونية والغرب؛ لأنّهم يعلمون أنّ تمكّن الإطار من فرض سيطرته يعني المزيد من الخسارات والانكسارات للغرب في العراق والمنطقة , ومعناه أنّ المقاومة والحشد الشعبيّ ستكون لهم فرصة كبيرة للحكم والتجذّر في الدولة العراقيّة .
  2. إنّ الغرب وأمريكا يريدون من عدوانهم على العراق معاقبته؛ لأنّه كان ومازال عصياً على تَقبّل التطبيع مع دويلة إسرائيل، وعلى تقبّل الثقافة الغربية، وأنّ أمريكا تشعر بالفشل الذريع في العراق؛ لأنّ الشعب العراقيّ- بحكم مواقفه، ونموّ خطّ المقاومة فيه، وتطوره، وبسبب قوّة الشعب العراقيّ في الحفاظ على الفكر الإسلاميّ الثوريّ- شَعْبٌ خارج السيطرة الأمريكيّة ، وتلك هي الحقيقة،وبهذا فإنّ أمريكا فشلت في مخططها الذي كانت تتوقّع منه أنّها حينما تحتلّ العراق فإنّها تتمكّن من تقطيع أوصال المقاومة، وتتمكّن من تطويع الشعب العراقيّ لثقافتها وأيدولوجيتها وسياساتها – قهراً أواختياراً- .

ومن هنا شَنّتِ المنظّمات الصهيونيّة هجوماً على الشعب العراقيّ وعلى دينه، ومنه يتمّ ضرب الاسلام في العالم أجمع،إلّا أنّ المستهدف بحكم مخرجات وآليات الجريمة هو العراق، والدليل هو أنّ  المجرم الذي سخّرته المخابرات العالمية لحرق المصحف هو شخص من أصول عراقيّة،  ووحصلت العملية في باب السفارة العراقيّة، وبنحومكرر في السويد والدانمارك، فلماذا العراق بالخصوص من بين (57)دولة اسلامية ! ولِمَ لا يكون أمام السفارة السعودية التي تدّعي أنّ ملكها حامي الحرمين ، أو خادم الحرمين!! اذنهناك مخطط لحرق العراق بالاضطرابات .

 

  1. تزامن هذا الفعل – كما هو رأي بعض المحللين – مع إلقاء القبض على الجاسوسة الإسرائيليّة « اليزابيث تسوركوف » التي دخلت العراق بجواز سفر روسيّ، وتحت غطاء (باحثة ) اجتماعية، وأرادت اختراق التشكيلات الجهادية في العراق، وليس بعيدا أنْ تكون إسرائيل أرادت من خلال السويد الضغط على العراق لإطلاق سراح الجاسوسة الإسرائيليّة قبل أنْ يتمّ كشف خيوط اللعبة القذرة والأذرع المرتبطة بها، والمهمّة الموكلة إليها, سيَّما أنّ الكيان الصهيونيّ الإسرائيليّ – وبأعلى مستوى وهو مكتب رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو بتاريخ 12-7-2023- قد صَرّح بأنها مواطنة من الكيان الغاصب، وأنّها معتقلة في العراق من قبل كتائب حزب الله العراق .

وقد أشارت التقارير أنّ الذي قام بحرق القرآن الكريم هو شخص مسيحيّ من أصول عراقيّة، كان يعمل جاسوسا للموساد الإسرائيليّ، وهذه نقطة ترابط تدلّ على أنّ المنفّذ هو  الكيان الصّهيونيّ الغاصب، لأجل إطلاق سراح الجاسوسة فضلا عن الاهداف الاخرى  .

الإعلان عن خبر اختفائها بعد مرور أربعة اشهر أثار تساؤلات عديدة في الأوساط العربية. لماذا صمت الاحتلال كلّ هذه المدة؟  وما هي المهمّة التي أُرسلت من أجلها إليزابيث إلى العراق؟ إضافةً إلى كثير من الشكوك بشأن دخولها بجواز سفر روسيّ، موكلة إليها مهام وظيفية متعددة وثّقتها عبر حساباتها في منصات التواصل الاجتماعيّ.

قناة « كان »الإسرائيليّة، قالت: إنّ تسوركوف مجنّدة سابقة في(الجيش الإسرائيليّ)، ومعروفة كباحثة في الشؤون السورية، ومعلّقة على شؤون الحرب الأهلية التي اندلعت هناك عام 2011، ودخلت بجواز سفرها الروسيّ ( المزور) إلى العراق.

الجدير ذكره أنّ تسوركوف، عملت على إعداد أبحاث ميدانية في العراق وسورية وفلسطين المحتلّة، خلال السنوات الماضية، لمصلحة معهد أبحاث السياسة الخارجية ( مقرّه فيلادلفيا في أميركا)، ولمصلحة منتدى التفكير الإقليميّ وهو مركز أبحاث إسرائيليّ(مقرّه القدس المحتلّة) لذلك لايستبعد بعض المحللين أنْ يكون لها دور خطير لأجله تضغط إسرائيل من خلال السويد لإطلاق سراحها بعد ادخال العراق في صراع امني لتحقيق غايات عدة  .

  1. ويذهب بعض المحللين إلى أنّ أمريكا بعد أنْ شعرت بالفشل في العراق والمنطقة عسكريا وأمنيا بسبب هزيمتها في سورية ولبنان وإيران واليمن والعراق وفلسطين لم يبق أمامها وأمام الصهيونيّة إلّا حلقات الاستفزاز بحرق القرآن، ومسلسل الدولار الذي تضغط به على العراق لشنِّ الحرب الاقتصادية على العراق، والذي تمثّل بغلق أكثر من ( 18) مصرفاً إلى الآن فضلا عن رفع قيمة صرف الدولار، وغيرها من الحلقات والسيناريوهات .
  2. إنّ جريمة حرق القرآن كانت لمعاقبة حكومة السيّد رئيس الوزراء شياع السودانيّ لتقاربه مع خطّ المقاومة والحشد، وعَقْدِه اتفاق « النفط مقابل الغاز» مع إيران وضرب مصالح أمريكا عرض الحائط، وهكذا لقائه الرئيس بشار الأسد، ورفضه الانصياع لأمريكا في الكثير من الأمور، ولهذا أرادالصهاينة جَرّ السيّد شياع إلى نقاطٍ ساخنةٍ، وأزماتٍ داخليةٍ على غرار ما فعلوه مع حكومة عادل عبد المهدي .
  3. ومن المحللين مَنْ يذهب إلى أبعد من هذا بأنّ عملية حرق المصحف الشريف الهدف منها تدمير هوية المسلمين الذين يشكّلون نسبة عالية في أُوربا وفي نموّ مطَّرد ، ممّا يشكِّلُ وجودهم وعددهم خطراً على البنية السكانية والديانة المسيحية واليهودية لديهم , وأنّهم يرون ان تواجد العدد الكبيرمن المسلمين  في أُوربا يغيّر من هوية أُوربا وديانتها وواقعها السكَّانيّ مستقبلاً، خصوصاً أنّها تعاني من تراجع في الولادات، مقابل النمو الكبير في اعداد المسلمين المهاجرين إليها، فليس أمام الغرب والمنظّمات الغربية إلّا شَنّ العدوان على الثقافة الاسلامية من خلال نشر المثلية والجندرومضايقة المسلمين وحرق القرآن واستفزاهم لإجبارهم على تقبّل الواقع الغربيّ.
  4. الغرب الصهيونيّ بقيادة أمريكا يعتقد أنّ الاسلام هو الخطر الحقيقيّ على مشروعه في المنطقة كما صرّح (فوكاياما وصموئيل هنكتن )، خصوصا انها تشكِّل –  الأمّة الاسلامية – ملياري مسلم، والذين استعادوا هويتهم بفعل الثورة الاسلامية بقيادة الإمام الخميني والإمام السيستانيّ وفتواه، وأنّ تلك الحقيقة جرحت  في المخطط الأمريكيّ في العمق ، وأنهت قطبيته الأحادية, وايضا وبفعل الثورة الاسلامية،  وتشكيل واقع المقاومة الإقليمية في المنطقة، والانتصارات التي تحققت للمسلمين في غزّة فاليوم الواقع يفرض نفسه فقد تشكِّلت قطبيةٌ إسلاميةٌ عالميةٌ تلتحق بالقطبية الثنائية الدولية المعارضة للقطب الأمريكيّ، ومانعة لقيادته النظام الدولي ,وعن ذلك عبّرالإمام الخامنئي بقوله: «إنّ هدف هجمات الاستكبار هو أصل الاسلام والقرآن»، وقال: « إنّ هذه الإساءات دليل على عداء الاستكبار لمبدأ الاسلام والقرآن »، وقال أيضاً: « على الحكومة السويدية أنْ تعلم أنّها بمساندة المجرم اتخذت اصطفافا حربيا تجاه العالم الاسلاميّ»، وقال أيضاً : « إنّ المتآمرين خلف الكواليس ».

نعم الغرب أدرك حجم الخطر، وقدرات المسلمين، وخطّ المقاومة منذ زمن بعيد بعد فشله في مواجهة إيران ولبنان وغزّة واليمن والعراق، فليس أمامه إلّا سيناريوهات الفوضى الخلاقة من خلال استفزاز المسلمين .

  1. إنّ الغرب يعاقب المسلمين على تضامنهم مع التحوَّلات العالمية التي تقف بالضدّ من أحادية القطب الأمريكيّ في دعم روسيا والتماهي مع الصين والمحور الذي يقال عنه ( شنغهاي وبريكس)، فلكي لايذهب العراق بعيداً عن القبضة الأمريكيّة، ولايكون عاملاً في إرخاء القبضة الصهيونيّة على العالم، لأجل هذا سعت لضرب المسلمين لعلَّها تتمكّن من إشعال حرب داخلية،أو تأزيم علاقتهم مع المحيط الغربيّ، وخلق أزمة دبلوماسية .

نعم هذه هي أهمّ التفاسير، لاكما يتمّ الترويج له بأنّ الجريمة التي قامت بها السويد بمنحها المجرم (مونيكا)  إجازة بحرق للقران الكريم مرتين  نابعة من طبيعة الجذر القانونيّ لدساتير الدول الغربية والتي تمنحها حرية التعبير كما يقال زيفاً ,وإلّا لماذا هذه الحرية لاتجوز مع الديانات الأخرى والتي تعدُّ بالمئات، فهل حَرَقَ الغربُ صورةَ بقرةٍ؟ طبعا لا؛ لأنّهم لا يريدون جرح مشاعر الشعب الهنديّ، ولم يفعلوها مع البوذية والكنفوشيوسية،  ولا بعابدي القمرِ والشّجرِ، فضلا عدم منحهم أيّ إجارة لحرق التورة والإنجيل، وإنْ حصلت حالات فهي اجتهادات خاصّة، و كمثال آخر أنّهم لم يسمحوا بحرق علم الشاذين جنسيا، بل القانون يعاقب بالسجن للحارق (15) عاما في أمريكا، وبهذا فإنّ جريمة السويد بمنحهم إجارة إلى هذا المجرم هي ابتغاء أهداف خطيرة، وأبعاد عميقة لخَصَّهَا الإمام الخامنئي بقوله: إنّ هذه الأهداف تنطلق من عُقَدٍ قديمة وجديدة تتجدد وتكون أقسى مع انتصارات المقاومة والمنهج الثوريّ الإسلاميّ، وتقدّم الشيعة لقيادة المنطقة .

ثانيا: أهمّ الأبعاد في صدّ العدوان في خطبة المرجع السيستانيّ:

هناك العديد من الدلالات  والا في بعاد بيان المرجع السيّد السيستانيّ من جريمة حرق القرآن’ فقد ألهب موقف السيّد السيستانيّ الساحة العراقيّة قوّةً وإصراراً على رفع راية الرفض لموقف السويد، وعزز من موقف الشعب العراقيّ، ومنحهم الشرعية، فالسيّد (دام ظلّه) حين خاطب إنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة في ٢٩/ ٦/ ٢٠٢٣ م لم يكن يعبّر عن خوف على القرآن الكريم فقط، لأنّ القرآن الكريم محفورٌ في قلوب ملياري مسلم في العالم ،ولكنّ الضرورة تقتضي إيقاف التمادي,  وكما جاء في الرسالة: « إلّا أنّ  الملاحظ أنـّه وقع هذه المرّة بترخيصٍ رسميّ من الشرطة السويدية، بزعم أنـّه من مقتضيات احترام حرية التعبير عن الرأي » , وقد وصف سماحته في رسالته هذا التصرّف بـ  (المخزي )، والخزي هنا ،وكما عبرت عنه الرسالة (يمثّل إعتداءًا صارخاً على مقدّسات أكثر من ملياري مسلم في العالم ) ،كما يؤدّي إلى ( خلق بنية مؤاتيةلإنتشار الأفكار المتطرّفة والممارسات الخاطئة ) حسب تعبير السيد السيستاني ,لذلك فقد عبّرت المرجعية العليا في الرسالة عن موقفها الممثل لملياري مسلم بقوله:( المرجعية العليا إذ تبدي إدانتها وإستنكارها لما وقع تطالب الأمم المتحدة بإتخاذ خطوات فاعلة بمنع تكرار أمثاله.الخ.) .

ومن الواضح أنّ المرجعية العليا الرشيدة تمتلك تصوّراً واضحا لما يحدث في العالم من اعتداءات على الدين الاسلاميّ تحديدا ، ولذلك جاء في الرسالة: « وتدعو إلى تثبيت قيم التعايش السلميّ بين أتباع مختلف الأديان والمناهج الفكرية، مبنيا على رعاية الحقوق والاحترام المتبادل بين الجميع ».

الرسالة كانت صوتاً مدوّيا، ليس لما حدث فحسب، وإنّما لترابط أحداث متكاملة العناصر يراد بها إسقاط أديان وقيم الآخرين لتنميطهم بأنماط ممارسات مجتمعاتهم المنافية لإنسانية القيم الحامية لتربية إنسان سويّ رافض لسلوك حكوماته التي تسوّغ لنفسها الاعتداء على الشعوب الأخرى والهيمنة عليها، ومنع المستضعفين في الأرض من النهوض والعيش بحرية وكرامة إنسانية .

ويعرف المرجع الأعلى الرشيد أنّ الاعتداء تزامن مع شهر الاحتفال بالمثلية العالميّ، حتى بلغت الوقاحة بالمحتفلين من شخصيات الصفّ الأوّل العالمي مبلغاً أنزلوا فيه أعلام دول العالم ورفعوا بدلها علم المثليين،معلنين الحرب على الطبيعة الانسانية السويّة، ومرتكزات الأسرة ونوعيات روابطها وعواطفها النبيلة، حتى امتدّ التعبير بالاحتفال إلى أنْ رفعوا (العلم ) على كتفي ( البابا) .

وبدأت مع هذا التزامن أو ( التزامنات) حملات على أطفال المدارس في السويد وفي أمريكا وبعض الدول ( المتآخية معها) لإدخالهم في دورات تعليم المثلية، ( وبحسب ما عرضته وسائل الاعلام العالمية فإنّ التشديد وقع على أطفال المسلمين تحديداً، ووضع آبائهم في موقفين أحدهما القبول .وثانيهما الرفض وثمنه السجن، وقد يؤدّي إلى سحب الجنسية منهم ان رفضوا ذلك .

أمريكا والدول الغربية ومنها السويد تحديدا أخذتها حمى ممارسة المثلية وإجبار كُلّ من فيها ،مواطنا أو مستوطنا على ممارسة ( الخزي)، ثمّ وضعت هذه الدول برامج محددة للشعوب الأخرى لتعليمها على (ثقافة المثلية ونظريتها وكيفيات ممارستها)، وعلى تلك الدول قبول هذه التوجّهات، تحت ( يافطات شتّى) منها الديمقراطية، وحرية التعبير ،والجندر،والنسويّة …الخ .

هكذا خلط ( صنّاع الخزي) بين الاحتفال بشهر الشاذّين وهو الشهر السادس من كُلّ سنة والاعتداء المستمرّ على القرآن الكريم لكي يملّ المسلم من الاحتجاج على مقدّساته حتّى تأتي أجيالٌ لا مقدّسات لديها ، فإذا عادت الأُسر المسلمة إلى أوطانها جلبت معها قيم ( الخزي ) , لهذا كُلّه تدخلت المرجعية العليا الرشيدة فعبّرت وعلى نطاق عالمي عن خشيتها من ( خزي) يتسلل إلينا، وقد ( يُفرض) علينا بـالترغيب تارة، والترهيب أخرى، ودسّ السمّ في العناوين الفضفاضة التي أجادوا صناعتها، كما أجادوا الحرب الناعمة والفوضى الخلاقة .

ونرى (رؤية شخصية)  أنّ رسالة المرجع الأعلى ( دام ظلّه) أتت بقوّة ( فتوى ) إلى المسلمين خصوصا، والناس أجمع ،فقد تمّ توجيهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة ، ووردت في الرسالة ( عبارات ) شخّصت نوعية ومستوى الخطورة على الدين والانسانية،فالرسالة تقترب في توقيتها وأسبابها من قوّة وأهمّية وسمو فتوى الجهاد الكفائيّ التي أوقفت المدّ الداعشيّ، وقضت على مشروعه الظالم المظلم،وبعد فتوى المرجع السيستاني على الأمّة أنْ تتخذ قرارات وقائية وسواتر دفاعية محكمة .

أهم الملاحظات في رسالة المرجع السيستاني إلى الامين العام للأمم المتحدة:

  1. إنّ رؤية المرجع السيّد السيستاني منسجمةٌ تمام الانسجام مع رؤية المرجع الخامنئي، فبوصفه الفعل بأنـّه « اعتداء صارخ » علي ملياري مسلم، وهو ذات الموقف الذي حدده المرجع الخامنئي حينما خاطب الحكومة السويدية بأنّها بمساندة المجرم اتخذت موقفاً يمثّل اصطفافاً حربيّاً ضدّ ملياري مسلم .
  2. إنّ رسالة السيّد السيستانيّ إنّما تخاطب المجتمعات البشرية، ودول العالم، من خلال الأمم المتحدة حثّاً منه للدول والمجتمعات أنْ تراجع مواقفها وثقافاتها وفهمها الخاطئ عن الاسلام، سيّما أنّ المسألة لاتنتهي بالسويد أو الدانمارك، بل من المؤسف أنّ الثقافة الغربية قامت على هذا الأساس.

وطالب المرجع السيستاني ليس فقط إعادة النظر بالقوانين الغربية بل المنظومة الفكرية والدبلوماسية وحملهم مسؤولية ما قد تتعرّض له عملية التعايش بين الشعوب، وارتفاع مديات الكراهية من هكذا ممارسات تجري تحت حماية الحكومات .

  1. إنّ هذه الرسالة شكّلت صدمة للمجتمعات والدول الغربية لتوقظها من مغبة الاستهانة بالمسلمين، ولأنّها تحذّر من نذير التطرّف، وتدعو الأمم المتحدة إلى نزع فتيل الأزمات من خلال احترام الاسلام .

من هنا كان ردّ الأمم المتحدة من خلال رسالة واضحة،أعني رسالة الأمين العام للأمم المتحدة إلى سماحة السيد (دام ظله) جواباً على الرسالة التي تلقّاها من مكتب سماحته بشأن الاعتداء على نسخة من القرآن الكريم في السويد:

الأمين العام

21 تموز 2023

سماحة آية الله العظمى علي السيستانيّ – النجف الأشرف

أودّ أنْ أشكر سماحتكم على رسالتكم المؤرّخة 29 حزيران 2023 بشأن أعمال حرق القرآن.

لقد شعرت بانزعاج شديد من حادثة حرق القرآن الأخيرة في ستوكهولم، السويد، والتي أدّت إلى احتجاجات في جمهورية العراق خلال عطلة عيد الأضحى.

واسمحوا لي أنْ أعرب عن تضامني مع المجتمع الإسلاميّ، وأنْ أدين أعمال التعصب والعنف والإسلاموفوبيا التي تؤدّي إلى تفاقم التوترات وتسهم في التمييز والتطرّف.

وقد عبّرت عن هذا الموقف في اتصالي الهاتفي مع سعادة السيد فؤاد محمّد حسين، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية جمهورية العراق، بتاريخ 30 حزيران 2023. وقد انعكس ذلك أيضاً في البيانات الصحفية الصادرة عن مكتب الممثل السامي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات في 29 حزيران 2023 الذي يدين حرق القرآن في السويد، ومفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في 11 تموز 2023 في افتتاح المناقشة العاجلة لمجلس حقوق الإنسان حول الارتفاع المقلق في أعمال الكراهية الدينية المتعمدة والعلنية كما تجلّى من خلال التدنيس المتكرر للقرآن الكريم في بعض البلدان الأوروبية وغيرها.

إن منظومة الأمم المتحدة مصممة على التنفيذ الكامل لقرار مجلس حقوق الإنسان بشأن « مكافحة الكراهية الدينية التي تشكِّل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف» . وستواصل الأمم المتحدة، من خلال هيئاتها ذات الصلة حثّ الدول الأعضاء على دراسة سياساتها وأطرها الوطنية لتحديد الثغرات التي قد تعوق منع أعمال والدعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التي قد تشكِّل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف ومقاضاة مرتكبيها.

وفي هذا السياق، يضطلع الزعماء السياسيون والدينيون بدور مهمّ بشكل خاصّ في رفع صوتهم بحزم ضدّ مظاهر الكراهية الدينية وتوضيح أنّ الحوار السلمي هو أفضل طريق لتعزيز التفاهم والاحترام المتبادلين، بما في ذلك احترام (التنوع)، وهي لبنات أساسية لبناء مجتمع متماسك وقادر على الصمود.

إنّني أؤيد تأييداً تامّاً دعوتكم إلى تعزيز التعايش السلميّ وتوطيد قيم الرحمة. وأودّ أنْ أعرب عن احترامي الحقيقيّ وإعجابي الشديد بحكمتكم ونهجكم المعتدل وندائكم المستمرّ من أجل الاحترام المتبادل والوحدة.

وأرحب بالمزيد من التواصل والتفاعل المستمرّ مع سماحتكم بشأن هذه المسائل المهمّة ذات الاهتمام المشترك.وتفضلوا– سماحتكم – بقبول فائق الاحترام.أنطونيو غوتيريش)) .

وبهذا تمكّنت المرجعية من إيصال صوتها إلى أكبر منبر عالمي في إدانة الاعتداءات التي تنطلق من تبريرات واهية، وتطلب من المجتمع الدوليّإعادة النظر في تعاملاته مع عقيدة ملياري مسلم، ويشكلون 25% من العالم .

ثالثا : أهمّ الأبعاد في بيان الامام الخامنئي :

بتاريخ 22-7-2023 أصدر الإمام السيّد علي الخامنئي  ردّاً على الجريمة النكراء بيانا قال فيه:

بسم الله الرحمن الرحيم

إنّ التطاول على حرمة القرآن الكريم المقدّسة في السويد حادثةٌ مريرةٌ وتآمريةٌ وخطرة .

إنّ أشدّ العقوبات لمرتكب الجريمة موضعُ إجماع عند علماء المسلمين كافّة، وعلى الحكومة السويدية أنْ تعلم أيضا أنّها بمساندة المجرم اتخذت اصطفافا حربيا تجاه العالم الاسلاميّ، وجذبت حولها كراهية وعداوة من الشعوب الإسلامية، وكثير من حكوماتهم .

إنّ واجب تلك الحكومة تسليم مرتكب الجريمة للأجهزة القضائية في الدول الاسلامية , كما على المتآمرين وراء الكواليس أنْ يعلموا أنّ حرمة القرآن الكريم وشوكته ستزدادان يوماً بعد يوم , وستغدوا أنوار هدايته أكثر سطوعا، فأمثال هذه المؤامرة وكذلك مرتكبيها أحقر من أنْ يستطيعوا منع هذا  السطوع المتزايد يوماً بعد يوم ،والله غالب على أمره . السيّد علي الخامنئي.

وهنا عدد من النقاط من المهمّ بيانها وهي :

  1. إنّ الإمام الخامنئي وصف الحادثة بأنّها مؤلمة للأمّة الاسلامية، وأنّها لاتفَّسربأيّ تفسير إلّا أنّها مؤامرة ضمن مخططات التآمر الغربي القديم الجديد ضدّ الاسلام باستهداف القرآن وقيم الاسلام .

وحدد نوع المؤامرة بأنّها من المؤامرات الخطرة التي لايمكن التهاون فيها،أو قبول أيّ عذرٍ لتبريرها، مهما ادّعت المدارس الاعلامية أيّ ادّعاء مزّيف .

وبهذا حدد الإمام الخامنئي للأمّة الاسلامية الفهم الصحيح، ومنع الاجتهادات والتفسيرات والتأويلات والتبريرات التي تخفف بقصد أو بدون قصدٍ من حجم المؤامرة والجريمة , نعم انها جريمة تنطلق من مؤامرة برأي الإمام الخامنئي، ولا تنطلق من تبرير (حرية التعبير)  الزائف  .

  1. قال الإمام الخامنئي: « إنّ أشدّ العقوبات لمرتكب الجريمة موضع إجماع عند المسلمين كافّة» ،وبهذا حدد الموقف الفقهي الذي يتفق عليه ميارا مسلم من مرتكب هذه الجريمة بأنّه يستحقّأشدّ عقوبة، ولايمكن التهاون معه مطلقاً.

وبهذا تطابق موقف الإمام الخامنئي من (موميكا ) مع موقف الإمام الخميني من سلمان رشدي صاحب كتاب ((آيات شيطانية )) ,كما أنّ الإمام الخامنئي ركَّز على قضية مهمّة بأنّ الموقف من (موميكا) ليس موقف مراجع الشيعة وحدهم، بل هو موقف العلماء المسلمين بالإجماع مهما اختلفت مذاهبهم, وبهذا تحدّث  الإمام الخامنئي عن موقف موحَّد للمراجع والعلماء من الفريقين، وهذا ديدن المدرسة الخمينية،توحيد مواقف الأمّة الاسلامية.

  1. قد اعتبر الإمام الخامنئي هذا الموقف من السويد اصطفافاً مع الدول التي تعلن العداوة للإسلام والمسلمين بقوله: « وعلى الحكومة السويدية أنْ تعلم أيضا أنها بمساندة هذا المجرم اتخذت اصطفافا حربيا تجاه العالم الإسلاميّ، وجذبت حولها كراهيةً وعداوةً من الشعوب الاسلامية وكثير من حكوماتهم».

لقد أوضح الإمام أنّ السويد مارست أعلى مراحل التجاوز، واخترقت القيم والأعراف الدولية،وأنها وفق القانون الدولي تكون قد أعلنت الحرب على المسلمين، وجذبت لها كراهية الشعوب الاسلامية، وهي مَنْ تتحمّل مسؤولية ما يترتّب على هذا الإعلان الحربيّ من تبعات اقتصادية ومالية واستثمارية وعلاقات دبلوماسية وغيرها .

 وقد أنهى الإمام الخامنئي الجدل، وحسم الموقف،وقطع الطريق على التبريرات والمقولات التي تدّعي أنّ اصل الجريمة تعود إلى طبيعة الدساتير الغربية، وما يتضمّنه من (حرية التعبير)  الزائف ، فإنّ أصل الجريمة لاتبرر ولا تفسر على أنّها نابعة من الفهم الغربي لـ (حرية التعبير) ، ،وإنّما هي جريمة تنطلق  من مؤامرات تحاك في الظلام، وهي تعادل إعلان الحرب بنحو مقصود .

  1. طَالَبَ الإمام الخامنئي بتسليم المجرم إلى الدول الاسلامية، وإلى العراق تحديداً؛ لينال جزاءه العادل وفق الشريعة الاسلامية؛ حتّى لا تتكرر تلك الجريمة،من آخر تسوّل له نفسه، ويغريه سكوت المسلمون بعد أنْ تدفعه المنظَّمات التي تقف في الكواليس ، وحتى يعلم مرتكبها أنّ للقران أمّةً ومراجعَ يدافعون عنه، وهذا ما أشار اليه بقوله: «إنّ واجب تلك الحكومة تسليم مرتكب الجريمة للأجهزة القضائية في الدول الاسلامية»، وهذا حقّ لايتنازل عنه المسلمون، وهو حكم صادر من مرجع أعلى،وأعلى جهة تشريعية للأمّة الاسلامية.
  2. أشار الإمام الخامنئي بوضوح إلى الجهات الخطرة والمنظّمات التي تريد إعلان الحرب على المسلمين بقوله: «الذين يقفون خلف الكواليس»، وهم أمريكا والصهيونيّة ومن يدور في فلكهم .

وقال مقولته المهمّة بأنّ السبب الحقيقي لهذه الجريمة والتي دفعت أمريكا وغيرها ممّن يقفون (خلف الكواليس) كردّة فعل على تطوّر صحوة الأمّة الاسلامية، والتي عبّر عنها بـ (سطوع القرآن يوماً بعد يومٍ)، في إشارة منه إلى انتشار الاسلام إلى مساحات كبيرة ومديات واسعة  .

  1. ومن هنا يتأكّد للغرب أنّ بيان الإمام الخامنئي واضحٌ في الكشف عن قوّة المسلمين، واستعدادهم للدفاع عن دينهم، وأنّ عهد التراجع والسكوت لامكان له في حياة الأمّة الاسلامية، وأنّها مستعدّة للدفاع عن قيمها ومقدساتها مهما كَلَّف الثمنُ، وكبرت التحديات، وعلى السويد أنْ تدرك هي ومن يقف خلفها مسؤوليتها مستقبلاً من هذا الفعل وغيره مهما طال الزمن أو قصر .
  2. إنّ المتفحّص لبياني الإمام الخامنئي والمرجع السيستاني يجد أنهما يشتركان في وحدة الموقف، وأهمّ المشتركات هو التحذير للمجتمعات الدولية من إعلان الحرب ضدّ المسلمين؛ لأنّ هكذا فعل وبإجازة الحكومة السويدية يمثّل مساساً بعقيدة ملياري مسلم .
  3. واشترك السيّدان في بيان أنّ هذا الفعل يقود إلى التطرّف،فلكُلّ فعل ردّة فعل، وأنـّه عمل مدان،فإنّ بيان المرجع السيستانيّ الذي اعتبر هذا الفعل يؤدّي إلى خلق بيئة من التطرّف، وأنه مدان، وأنّه جرح لكرامة وعقيدة المسلمين، هذا الكلام متطابق مع قول الإمام الخامنئي:إنّ الفعلَ حربٌ على الاسلام، وله نتائجُه وتداعياته الخطيرة .

وقد ختم الإمام الخامنئي قوله: إنّ سطوع القرآن الكريم والإسلام والدين حقيقةٌ، وأنّ جهودهم أحقر من أنْ تَنال من مسيرة الاسلام؛ لأنّها مرتبطة بظهور الإمام المهدي المنتظر.

رابعاً: الأبعاد والنتائج والآثار للموقف العراقيّ:

كما قلنا سابقا: إنه بتاريخ 15-6-2023 قام المجرم (موميكا )  بحرق القرآن الكريم بإجازة من الحكومة السويدية من خلال محكمة الاستئناف، ثمّ أقدم مرّة ثانية على الجريمة ذاتها  بتاريخ 20-7-2023 وكانت الخطوة الأولي والثانية عمليتا تصعيد واستفزاز لمشاعر المسلمين في عموم العالم وللشعب العراقيّ بنحو خاصّ؛ كون الذي قام بعملية الحرق مسيحيّ عراقيّ، ولأنـّه رافق العملية الثانية بحرق العلم العراقيّ أمام السفارة العراقيّة، وضمن هذا العمل اعمال هدفها الاستفزاز للساحة العراقية  فقد أحرق صورة الإمام الخامنئي والسيّد مقتدى، ثمّ شاركت الدانمارك في الجريمة فقام نفر منهم بنفس الجريمة.

مواقف وردود أفعال الشعب العراقيّ المسلم  :

أوّلاً: موقف المرجعية والحوزة

  1. لقد تقدّم منّا استعراض البيان الصادر بتاريخ 19-6-2023 من قبل المرجع السيد السيستاني،وتضمّنه لفقرات مهمّة، كما ذكرنا ردّ ممثّل الأمم المتحدة .
  2. المرجع بشير الباكستاني هو الاخر اصدر بيان الاستنكار والادانة كما إنّ الكثير من الخطباء البارزين والعلماء وأئمّة المساجد نددوا بحرق القرآن واعتبروه جريمة ومخالفة للقانون الدولي، وحذروا السويد وأُوربا والاتحاد الأُوربيّ والأمم المتحدة من هكذا أفعال .
  3. السيد مقتدى الصدر أصدر العديد من البينات والتغريدات حول هذه الجريمة منها ما كان بتاريخ 18-6-2023 فقد أصدر بيان الإدانة،وطالب أنصاره والشعب العراقيّ بالتظاهر .وبتاريخ 29-6-2023 طالب الجالية المسلمة بتظاهرات في السويد .وبتاريخ 2-7-2023 أصدر بيانا آخر دعا فيه إلىإقامة تظاهرات أكبر للتنديد بالجريمة.وبتاريخ 19-7-2023 أصدر بياناً، وعقد مؤتمراً، ندد بالجريمة بكُلِّ قوّة، ودعا منظمة التعاون الإسلاميّإلى الاجتماع لاتخاذ موقف مناسب .

ثانيا –  الموقف السياسي العراقيّ

صدرت تصريحات وتغريدات وبيانات من مختلف المسؤولين  الشيعة والسنة والكرد، ومن جهات حكومية وسياسية، نبين لك بعضاً من كلماتهم وهي :

 

 

  1. السيد هادي العامري ندد بجريمة حرق القران الكريم واعتبرها استفزازا لمشاعر المسلمين وقال : «إن ما حصل من تجاوز للقانون والمقدّسات الاسلامية بحرق المصحف الشريف يسئ لمشاعر المسلمين، وأنّها يشكّل حربا ضدّ ملياري مسلم» .
  2. السيّد نوري المالكي قال: «إنّ حرق القرآن بإجازة من الحكومة السويدية أمرٌ مرفوض، وأنّتكرار الاعتداء بحماية واجازة الحكومة السويدية يشكّلُ استفزازاً لمقدّسات المسلمين، وأنّ حرق العلم العراقيّ انتهاكٌ للسيادة، وهو انحراف للسويد عن مبادئها».
  3. السيد عمّار الحكيم قال: «إنّ جهاتٍ متطرّفةً في السويد تقوم بحرق القرآن الكريم وانتهاك الدين الاسلامي الحنيف، وأنه فعل شنيع مخالف للقانون الدوليّ، ويؤدّي إلى نشر روح الكراهية».وقال أيضاً: « أدعو الأمم المتحدة، ومنظمة التعاون الإسلاميّ لمواجهة هذا الفهم الخاطئ لحرية التعبير الذي يؤدّي إلى انتهاك كرامات الآخرين ويؤدّي إلى التطرّف والإرهاب».
  4. الشيخ همام حمودي أصدر بيانا قال فيه: «نؤيد موقف الحكومة في قطع العلاقات الدبلوماسية مع السويد، وأنّ هذا الفعل يشكّل عدواناً ضدّ المسلمين أجمع، والعراق بنحو خاصّ» .
  5. الشيخ قيس الخزعلي أكّد: «إنّ عملية حرق المصحف بإجازة من الحكومة السويدية أمر مدانٌ،وأنّه يؤكّد زيف الشعارات الغربية في احترام حقوق الانسان؛ لأنّ هذا العمل ينتهك حقوق ملياري مسلم» .
  6. محمّد الحلبوسي رئيس مجلس النواب: «أطالب الحكومة السويدية باحترام مشاعر المسلمين،وأنّ هذا التصرّف جرح لمشاعر المسلمين، وعلى الحكومة السويدية أنْ تدرك أنه يقود إلى التطرّف».
  7. محسن المندلاوي النائب الاول لرئيس مجلس النواب: «أطالب الأمم المتحدة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرار هذه الأفعال، وأنّها تشكِّل انتهاكاً لحرمة المسلمين وتؤدّي إلى التطرّف».
  8. مسعود البارزانيّ: «إنّ حرق القرآن الكريم لايندرج تحت عنوان حرية التعبير بأيّ شكل من الأشكال، وأنه عملٌ جائرٌ، ولايوجد له أيّ مبرر، وهو جرح لمشاعر المسلمين في العالم».

وقال: «أدين هذا العمل وبشدّه، وهذه الأفعال تمنع التعايش السلمي وتنشر خطاب الكراهية» .

  1. حزب الدعوة الاسلامية – المكتب السياسيّ أكّد من خلال بيانه : «إنّ حرق المصحف الشريف استفزازٌ لمشاعر المسلمين، ويجرح مشاعر ملياري مسلم، وأنه عمل غير مبرر، سيما وأنّه صادر بإجازة من الحكومة السويدية».
  2. تحالف العزم: «نؤكّد دعمنا لرئيس الوزراء السيّد شياع السودانيّلمنع هذه الإساءة للمسلمين ومقدّساتهم، وأنه استفزازٌ للمسلمين،ويؤدّي إلى نشر الكراهية، ونؤكّد على الحكومة السويدية حماية الديانات».

ثالثا : الموقف الحوكمي العراقي الرسمي

تمثّل موقف الحكومة الرسميّ بأنْ تمّت معالجة الموقف منذ حصول الجريمة  من خلال وزارة الخارجية العراقيّة، فقد صرّح وزير الخارجية العراقيّة مرتين، والمتحدث باسم الوزارة الصحاف كرار : أنّ هذا الفعل يقود إلى تأزيم العلاقات. وتمّ استدعاء السفيرة السويدية وتسليمها كتاب الاحتجاج. إلّا أنّ السويد لم تتوقّف،بل تكرر الأمر ممّا جعل السيد شياع السوداني يتخذ قراراً بتاريخ 20-7-2023 بقطع العلاقات الدبلوماسية بطرد السفيرة السويدية وسحب القائم بالأعمال العراقيّة في السويد .

رابعاً: الموقف الشعبي

امتاز الموقف الشعبي في العراق بمايلي :

  1. خروج التظاهرات في عموم العراقـ وشاركت فيها جميع القوى الشعبية والسياسية، وكانت أعداداً كبيرةً، وهي ترفع القرآن الكريم، وشعارات ضدّأمريكا والسويد .
  2. قامت مجاميع من التيّار الصدري باحتلال السفارة السويدية بتاريخ 20-6-2023 ثمّ حرقها . وتكرر ذلك منهم بتاريخ 12-7-2023 قبل إعلان السودانيّ بغلق السفارة وقطع العلاقات الدبلوماسية .
  3. انطلقت تظاهرات ليلاً إلى السفارة الدنماركية، وتوقفت عن مهاجمة السفارة بطلب الحكومة العراقيّة.
  4. خرجت تظاهرات بتاريخ 21-7-2023 في عموم العراق بدعوة من الإطار التنسيقي وبقيادة السيّد هادي العامريّ .
  5. كُتبت عشرات المقالات ضدّ السويد من تحليل إلى تنديد، وتضمّنتِ المقالات الربط بين مخططات أمريكا في العراق لنشر الشذوذ وتحطيم ثقافة المسلمين وبين حرق القرآن الكريم، وتمّ بيان الأهداف والاخطار .
  6. عموم المواكب في العراق رفعت القرآن والصور القرآنية في عموم المواكب الخدمية ومواكب المراثي ومجالس عاشوراء .
  7. العتبة الحسينية والعباسية في اليوم الأوّل من محرم بمناسبة رفع الراية على قبّة الإمام الحسين (عليه السّلام)،تمّ رفع مئات الآلاف من المصاحف، بطلب من العتبات كجزء من المراسم.
  8. صفحات الفيس ومختلف الفضاء المجازي أخذت تندد بالجريمة المذكورة، وتصفها بأنّها جريمة العصر، وأنّها أخطر جريمة بتاريخ البشرية، وتَمّ توزيع بيان الإمام الخامنئي، وبيان المرجع السيستاني في جميع محطّات التواصل الاجتماعي .
  9. القنوات الفضائية الشيعية اهتمّت اهتماماً كبيراً في تغطية الجريمة، وبيان أهدافها وخطورتها، وتنوّعت البرامج في الدفاع عن حرمة القرآن، والتنديد بموقف السويد والدانمارك .
  10. العلماء السنّة في خطب الجمعة أصدروا أمراً بأنْ يكون موضوع الحديث دفاعاً عن القرآن،وصدر بيانٌ عن دار الافتاء، وعن الوقف السنّي طالبت بعض البيانات بقطع العلاقات مع السويد .
  11. في مجالس العزاء التي حضرها السيد العامري كانت الشعارات ضد جريمة حرق القران وفي مجلس عزاء السيّد نوري المالكي في مركز أبرار كانت الهتافات: « نعم نعم للقران».

خامسا: آثار ونتائج الموقف الجماهيري العراقيّ .

 

أكّدت وقفة الشعب العراقيّ المسلم بمرجعيته وشعبه وقواه الدينية والسياسية الكثير من المفاهيم العميقة وهي :

  1. زيف شعارات الغرب :

أكّدت حادثة حرق القرآن الكريم للشعب العراقيّ زيف الشعارات الغربية التي تدّعي أنّ ممارستهم تنسجم مع قوانينهم في (حرية التعبير)، علما أنه يوجد ألف دليل ودليل على أنّ(حرية التعبير) تلك إنما هي شعار يستهدف به ضرب الاسلام والقرآن الكريم بمخطط صهيونيّ له أبعاد وأهداف خطيرة لتدمير هوية المسلمين ودينهم وأخلاقهم وإهانة مقدّساتهم، والدليل أنّهم لم تسمح لهم حرية التعبير بمهاجمة أيّديانة غير الاسلام، لأنهم يشعرون أنّ الاسلام يهدد مصالحهم، ويقطع الطريق عليهم في الهيمنة على الشعوب، ونهب الثروات.

وخير دليل أنّهم يعاقبون بأشدّ العقوبات من يحرق علم اللواط والشذوذ والانحراف الأخلاقيّ، ولم تمنح أُوربا أيّ إجازة على امتداد تاريخها الأسود لحرق علم الشواذ، وهذا يكشف زيف الادعاءات الغربية بأنّهم ينطلقون من (حرية  التعبير).ومن خلال بيان المرجع السيستاني وبيان المرجع الخامنئي أصبحت الأمّة المسلمة على وعي تامٍّ بأنّ ما يقومون به هو عمل مضادّ ومستهدف للإسلام والمسلمين .

  1. ثورة القرآن والانتماء العقائدي للاسلام

أكّدت  ثورة القران انتماء الشعب العراقيّ إلى محور وثقافة المقاومة الفكرية , وقد  قد تأكّد للغرب وأمريكا والصهيونيّة ومن يقف في (الكواليس)أنّهم فشلوا في اخضاع الشعب العراقيّ المسلم لسياستهم وثقافتهم، وتأكّد لهم – ايضا –  أنّ الشعب العراقيّ ما زال يمتلك الثبات علي دينه وعقيدته ومنهجه الرساليّ، وأنه صامدٌ أكثر من أيّ وقت مضي أمام مخططات الغرب في استفزاز المسلمين،وقد فشلت مخططات  الحرب الناعمة في تحطيم هوية المسلمين .

  1. نوع المؤامرات :

تأكّد للشعب العراقيّ المسلم مدى انسجام  وترابط مخطط الغرب وأمريكا في نشر المثلية ( الجندرة ) مع حرق القرآن، وبعد أنْ فشلت أمريكا في الضغط على الشعب العراقيّ ليغيّر ثقافته ويتخلّى عن هويته الاسلامية من خلال حلقات التآمر المستمرّة،ومنها حرب الدواعش، وقبلها القاعدة، لذا كانت الورقة الأخيرة هي نشر الشواذ، وحرق القرآن الكريم،  وهذا منهج قديم يتصل بمناهجهم القديمة من مناهج الاستشراق ضدّ الاسلام والقرآن ومشاريع التحريف والدسّ الفكريّ وقدرات الأمّة الاسلامية على المواجهة .

  1. الوعي الثوريّ للشعب العراقيّ :

كان موقف الشعب العراقيّ من التظاهرات، واحتلال السفارة مكرراً، وطرد السفيرة، و قطع العلاقات الدبلوماسية مع السويد مؤشِّراً واضحاً لدى الغرب وأمريكا على أنّ الشعب العراقيّ يمتلك الوعي الثوري كنتاج عن الموقف الشعبيّالعراقيّ،وكتطوّرثقافي عقائديّ نوعيّ متأثّر بمنهج الإمام الخميني في الردِّ والمواجهة.

  1. تأثير ثورة القرآن على المحيط الاسلامي:

ردّة الفعل الاسلامية الشعبية في العراق للانتصار للقران الكريم كان لها التأثير على المحيط الاسلاميّ والعربيّ عموماً، وخطّ المقاومة في الإقليم بنحو خاصٍّ،وأكّدت تلك الوقفة أنّ الشعب العراقيّ ينتمي إلى خطّ المقاومة في المنطقة، والذي يقف بوضوح ضدّ المخططات الغربية والأمريكيّة لإنهاء القطبية الأُحادية الأمريكيّة التي تتحكّم بالنظام العالمي بهدف بسط نفوذها على العالم الاسلاميّ، من هنا فَسَّر الشعب العراقيّ المسلم أنّ جريمة حرق القرآن كان استهدافاً للأمّة الاسلامية ، كما أنه لايخلو من استهدافللشعب العراقيّ المسلم خاصّة.

  1. ثورة القرآن أفشلت دور منظمات المجتمع المدني الغربي في العراق :

أكّدت ثورة القرآن التي قام بها الشعب العراقيّ عن وجود الامكانيات الفكرية والولائية والعقيدية  الكبيرة لدى الأمّة العراقيّة الاسلامية للردّ على المشاريع الثقافية الغربية كنتاج عن الاحتلال بحكم تواجدهم وبرامجهم ومنظّماتهم ( منظمات المجتمع المدني ) الصهيونيّة العاملة في العراق، وسيكون  الموقف نقطة شروع ومحطة مهمّة للانعطاف الثوريّ الفاعل شعبيا ضدّ كُلّ أنواع التواجد الغربيّ الأمريكيّ في العراق والمنطقة.

هذه هي أهمّ الرسائل التي وجهتها ثورة القرآن في العراق إلىأمريكا والغرب .

  1. ثورة القرآن أظهرت وحدة محور المقاومة ثقافيا :

كما أنّ ثورة القرآن والأحداث أثبتت للغرب وأمريكا مدى التلاحم وانسجام ثورة القرآن للشعب العراقيّ مع الشعب الإيراني واللبناني وغيرهم، وأنّ هذه الشعوب فضلا عن حكوماتها تمتلك وعياً ثوريّاً، وقدرات عالية للدفاع عن الاسلام، وأثبتت الأحداث أنّ أمّة الاسلام أمّةٌ حَيّة، ولن تموت مهما فعل الغرب، ومهما حاول أن يطرح من مشاريع .

  1. ثورة القرآن اكدت تمسك الشعب العراقي بالعملية السياسية :

وأكّدت ثورة القرآن قدرة الشعب العراقيّ بان يحافظ ويدافع عن مستقبل العملية السياسية في العراق، وعلى حماية الحشد، ومستقبل الشيعة في العراق .

  1. ثورة القرآن أنهت أحلام أمريكا بتطويع الحكومة العراقيّة :

 

كما أن موقف الحكومة العراقيّة (بقيادة رئيس الوزراء في قطع العلاقات الدبلوماسية )  قطعت الأحلام الأمريكيّة، وكانت ثورة هدفها تثبيت هوية الاسلام في الحكومة الاسلامية .

هذه هي أهمّ الرسائل التي وجهتها ثورة القرآن في العراق إلىأمريكا والغرب .

 

بتاريخ : 30 / 7 / 2023 م

 

المزيد من المشاركات
اترك تعليقا