الضربةُ التي وجهها الكيانُ الغاصبُ إلى إيران صبيحة يوم 26 / 10 / 2024 م ، كانت من الضعف والوهن بحيث أصبح الكيان سخريةَ الأقدارِ حتى لنفسه. وكم حاولتْ قنوات البغي أنْ تبالغ في حجم الردِّ المهزوم، لكنها في واقعها ضربةٌ تقدّر بحجم {… وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ}. وهنا عددٌ من الملاحظات:
أوّلاً:
الردّ الصهيونيّ على طهران، صغيراً كان أم كبيراً، فإنـّه اعتداءٌ فاضحٌ مهما كان حجمه، ويمنح إيران الحقّ في الردّ متى شاءت. والكرة الآن في ملعب ايران ، وهي من تقرر وتختار طريقة الردِّ، والردُّ الإجماليّ لمحور المقاومة هو الخيار الذي لا يمكن للكيان مواجهته.
كما أنّ الضربة، من الضعف والوهن، كشفت عن ارتباكٍ أمريكيّ ؛ كون الانتخابات الأمريكية على الأبواب، فضلاً عن خوف أمريكا على نفطِ الخليج ومصالحها، وهي تعلمُ أنّ قواعدها أصبحت محاصرةً بقوّة الحصار المفروض على الكيان.
نعم، إنّ أمريكا تخشى على مصالحها، وهذا محرّكٌ مخيفٌ في مفاعيلِ تحرّكها وإدارتها، لكنها أدركت أيضاً حجم الانهيار في الداخل الإسرائيليّ ، وحجم الانكسار والهزيمة والخزي الذي لحق بالجيش الإسرائيليّ من خلال العجز الفاضح في عدم تمكّنه من التقدّم شبراً واحداً في الجنوب، فضلاً عن الخسائر البشرية بين جنوده، وشخَّصت حجم التفوّق التصاعديّ للمسيّرات والصواريخ التي تمتلكها المقاومة ، وتراجع القبة الحديديّة والرادارات الإسرائيلية.
ثانياً:
إنّ هذه الضربة من الكيان الغاصب المخجلة التي مرَّغت أنوف الإسرائيليين بالهزيمة والفشل لها تداعيات كبيرة وعميقة، وهي:
1.. إنّ الأردن والأنظمة العربية تعرّت أكثر في ضعفها، إذ سمحت للطائرات الإسرائيلية أنْ تنطلق عبر أجوائها، بالإضافة إلى مواقفها السابقة. والجدير بالذكر أنّ الخليج أدرك حجم الانهيار في الجانب الصهيونيّ كاملاً، من هنا كان بيان السعودية في إدانة الهجوم على الجمهورية للقفز من زورق الكيان الغارق.
2.. الضربة الإسرائيلية بلغت من الضعف حدّاً رسمت فيه ملامح إعلان النصر لمحور الشرفاء من الشيعة، لأنّ هذا الضعف تشترك فيه بنادق المقاومين مع مواقف الشرفاء من السياسيين، ومعزز بفتاوى المراجع العظام. وعليه، نحن أمام عالمٍ شيعيٍّ أكثر قوّة وفاعلية في المنطقة، فقد بان للجميع مهما توهّموا أنّ الشيعة هم الحقيقة في الجغرافيا – غرب آسيا – والجيوبوليتيك والمستقبل، وهم يقررون مصير المنطقة سياسياً وأمنياً، وهم الذين يشكِّلون النظام الدولي، وهم الأسياد في مرور التجارة العالمية والإقليمية. وقد سجَّل الواقع والوقائع مقولةً حتميةً، وهي : أنّ من أبرز تداعيات الضربة الفاشلة هو أنّ محور الشيعة أصبح واقعاً مؤثِّراً بقوّته إقليمياً ودولياً.
3.. يمكن أنْ يقال: إنّ الكيان الغاصب فَقَدَ السيطرةَ على إدارة المعركة ، ويتجه إلى إعلان الهزيمة مقابل الانتصارات الكبيرة في محور المقاومة، وتلك التراجعات للكيان سوف تلقي ظلالها على مخرجات «طوفان الأقصى»، وتكون الخيارات بيد المقاومة، ولا يتمكّن العدوّ من فرض شروطه.
4.. الكيانُ الغاصبُ وأمريكا بلغوا من الإدراك عميقاً بأنـّهم أمام قوّة ردعٍ مقاومة، لها إمكانياتها الكبرى من السلاح المتطوّر المكافئ ، والمعنويات والرجال، حدّاً يمكِّنُ محور المقاومة من الذهاب إلى آخر احتمالات الحرب مهما كانت.
ومهما بالغ الغرب في قوّته بعد أنْ قَدَّر العدوّ سلاح الجمهورية وشجاعتها في الوعد الصادق الأوّل والثاني، وبعد أنْ تأكَّد لهم صمود حماس وحزب الله لبنان، وبعد عجزهم عن إطلاق سراح أسراهم، وبعد أنْ فشلوا وخسروا معركتهم البرية في الجنوب اللبناني.
5.. الخليج أعاد حساباته، ومن المستحيل أنْ يعلِّق آماله الأمنية على دولة الكيان المهزومة.
6.. نتنياهو ومن معه من اليمين الإسرائيليّ ، وكلّ دعاة الحرب في الغرب وأمريكا انتكست رايتهم، وسوف يخسر نتنياهو عاجلاً أو آجلاً، وأصبح ترامب من الماضي في الانتخابات الأمريكية.
7.. اكتشف الجميع أنّ خيار المقاومة وقرار الجمهورية في تعظيم الردع هو الحلّ، ولا مكان للحلول الوسطية، فالعالم مبني على «القوة العاقلة» والمواقف السياسية الرصينة، المنتمية لصالح المقاومة ، والداعمة للدفاع عن الشيعة والأبرياء، ولا مكان للتطبيع ولا سلام مطلقاً مع الكيان الغاصب.
8.. كان العدوّ يراهن على تفكيك بنية حماس وحزب الله بعد اغتيال القادة، وعلى رأسهم شهيد القدس نصر الله، لكنـّه وجد المقاومة في عزِّ قوّتها تقاتل ، وما زالت تحقق الانتصارات. لذا، فإنّ الإجماع للرأي العام تأكّد له أنّ إسرائيل انهزمت ، ولم تحقق لأمنها واقتصادها شيئاً يذكر، لأنّ العدوّ لا يمتلك إلا قتل الأطفال وتهجير الأبرياء.
9.. الحرب انتهت أو كادت، ومن يدقق بنظرة عملية علمية يجدْ أنّ الكيان بعد اليوم لم ولن يفكر في تجرّع كأس الفشل ثانية، فإنه تجرّع أقسى ضربة في تاريخه الدموي، وانتهت كلّ نظريات التفوّق الردعي للكيان.
10.. العدوّ راهن على تقنيات سيبرانية وتقنيات تجسسية متطوّرة وذكاء اصطناعي، واعتبرها السلاح الحاسم في تلك المعركة، مضافاً إلى وقوف السلاح الأطلسي معه ، والأموال الخليجية وتدفق المعونات، إلا أنـّه مع كلّ هذا لم يتمكَّن من تحقيق انتصار على فصيل المقاومة في غَزَّة أو حزب في لبنان.
11.. العدوّ أدرك أنّ المعركة ليست مع فصائلَ ولا محاورَ بقدر ما أنها معركة الكفر كلِّه مع التشيع كلّه، وهذا ما توكّده بيانات المراجع العظام كالسيّد السيستاني والسيد الخامنئي وبقية الإعلام. ولولا دعمهم وموقفهم وثباتهم وعمق بصيرتهم في الدعوة إلى مواجهة العدوّ لما تحقق الانتصار، لأنّ الغرب وأمريكا شخَّصت بعد مواقف المراجع أنّ الكيان غارق في بحرِ التشيع الذي لا يعرف التراجع والهزيمة.
السبت : 26 / 10 / 2024 م