السردية بين الواقع والافتعال: قراءة في جدلية العداء العربي-الفارسي والعثماني-الصفوي

د. عامر الطائي

إنّ في هذه السردية التي ينسجها الأعراب في الحجاز والعراق، باسم العداء العربي-الفارسي، ما يجعل القلم يرتجف بين أصابع الكاتب، وهو يتأمل في شراسة التزييف الذي يُصنَع في غفلة من الزمن والعقل. سرديةٌ اختُرِعت لتخدم مصالح ضيقة وتصب في قوالب أعدّتها مطابخ إعلامية لا تمت بصلة إلى الحقيقة ولا إلى المصلحة العامة للأمة.

ومن العجب أن تلقى هذه الرواية المضللة رواجًا في بلاط التركي العثماني، الذي يرى في إعادة إحياء العداء العثماني-الصفوي مدخلاً لإعادة تشكيل الأوهام السياسية التي تخدم طموحاته. وهكذا، يصبح لدينا سرديتان متوازيتان، الأولى تدور حول الدولة الفارسية العدو الأبدي، والثانية تدور حول الدولة الصفوية باعتبارها تجسيدًا للمؤامرة الكبرى.

إنّ هذه الجهالات التي تروّج لها العقول المعطَّلة لا تقرأ التاريخ، ولا تسمع إلا صدى صوتها الذي صنعته لها وسائل إعلام مريبة.

فهي تستهلك ما تقدمه مطابخ الإعلام الصهيوني دون تمحيص أو تدبُّر. ومن هنا، ينبغي لنا أن نتساءل: هل هي روايات نابعة من واقع الأمة، أم هي مجرد أدوات لإذكاء الفُرقة وبث الكراهية التي لا تخدم إلا أعداء الجميع؟

لقد آن الأوان أن يعي العرب والمسلمون جميعًا أنّ هذه السرديات ليست سوى ألغام زُرعت في طريق وحدتهم، وأنّ تحطيم هذه الأوهام يبدأ بمعرفةٍ واعية بتاريخهم المشترك، وبتحليلٍ عاقلٍ لأهداف من يروّجون لمثل هذه الأفكار المدمّرة.

المزيد من المشاركات
اترك تعليقا