كركوك على صفيح سياسي ساخن

كندي الزهيري

خسر الكرد مواقعهم في كركوك التي اكتسبوها بعد ٢٠٠٣ م ، بدعم أمريكي وغربي لعائلة مسعود البارزاني ، الذي مثل الشرطي الحارس على نفط كركوك .

خسر الكرد مواقعهم في كركوك التي اكتسبوها بعد ٢٠٠٣ م ، بدعم أمريكي وغربي لعائلة مسعود البارزاني ، الذي مثل الشرطي الحارس على نفط كركوك .
حاول حزب بارزاني تكريد (كركوك) ، ومنع حقوق باقي المكونات ، ما ساعده على ذلك ، هو ضعف الحكومة المركزية ، وانشغالها في الصراعات الجانبية بين الأحزاب ، التي استفاد منها حزب بارزاني ، ووسع رقعة سيطرته من حيث المساحة و من حيث الثروات الطبيعية ، بل وصل به الأمر إلى التمادي بتصريحات بضم محافظة (ديالى) إلى حلم الإمبراطورية الكردية التي يحلم بها.
اليوم ونحن نشاهد علامات احتضار المشروع السياسي للعائلة الحاكمة في الإقليم ، يحاول حزب الديمقراطي الكوردستاني ،العودة من بوابات كركوك …
جاء ذلك بعد ٢٠ يوماً من قرار رئيس مجلس الوزراء السوداني ، بإخلاء مقر مجلس قيادة كركوك – كرميان للحزب الديمقراطي الكوردستاني، كما أخبروهم أنه من حق الحزب استعادة مقراته”،
ذهب الكثير بأن ذلك هو جزءًا من التفاق بين (ائتلاف إدارة الدولة) الذي جاء بالحكومة الحالية ، إذا اضفنا لها الإتفاق على مادة ١٤٠ و فضلاً عن أن الإتفاق تضمن إخراج الجيش والحشد الشعبي والشرطة الاتحادية من كركوك، وتسليم إدارتها إلى شرطة محلية، يتم تشكيلها من سكان المدينة الأصليين، وهذا هو الخطر بحد ذاته …
إن اعتراض التركمان والعرب من سكان محافظة كركوك ، أحد أسبابه ما ذكر أعلاه ، لكن لماذا :
١_ ويرى معظم التركمان والعرب في المدينة، أن محاولة الحزب الديمقراطي الكردستاني فصل كركوك عن  العراق  عبر ما يسمى “استفتاء الاستقلال” عام ٢٠١٧م كان  “خيانة”، لذلك يعتبرون عودة الحزب إلى المدينة مجددًا “تهديدا وجوديا”.
٢_ سلب حق المكونات كركوك ، إضافة إلى التهجير والمضايقات ،التي عانى منها  سكان كركوك سابقاً ، قبل دخول الجيش العراقي والسيطرة على المحافظة .
٣_ ترك كركوك في ٢٠١٤ م لقمة سائقة أمام تنظيم داعش ، بعد تركها من قبل القوات بشمركة الكردية .
٤_  أهالي كركوك يرون إنهم يعيشون في أمان بكركوك منذ ٦ أعوام، وإنهم لا يريدون زعزعة هذا المناخ الآمن.

لأول مرة منذ عام ٢٠٠٥ ستُجرى انتخابات مجالس المحافظات في كركوك، حيث عرف العراق منذ عام ٢٠٠٣ ثلاثة انتخابات محلية، الأولى عام ٢٠٠٥، تلتها انتخابات عام ٢٠٠٩، ثم عام ٢٠١٣، إلا أن كركوك لم تشهد إلا دورة انتخابية واحدة.
من حق أي كيان سياسي أن يمارس عمله ، بشرط أن لا يكون مصدراً للازعاج أبناء المدينة أو المحافظة ، وأن يمارس حقوقه بالحدود المسموح فيها ، لكن ما رأيناه وما نراه بأن الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، سيفعل ورقة العرب والكرد والتركمان من جديد، وهذا سيفعل الدور التركي الذي سيجد الحجة بتدخله في كركوك تحت عنوان (حماية المكون التركماني) ، وهنا أزمة جديدة تخدم الترك وبعض أطراف الكرد على حساب المكونات الأخرى ، مما سيثير مشاعر الكثير من مواطنيها ، وهذا بحد ذاته أمرا مقلق جداً.
خصوصاً وهو لا زال يطالب بتطبق للمادة ١٤٠  في الدستور الذي أقر عام ٢٠٠٥  ، لم يأتي ذلك من فراغ ، إنما من شجعهم على العودة بمطالبة الحكومة المركزية بتفعيل المادة ١٤٠ هو ” الاتفاق بشأن إعادة تفعيل اللجنة المعنية بتشكيل المادة ١٤٠ كان ضمن اتفاق جميع القوى الموقعة على وثيقة تأسيس ائتلاف إدارة الدولة إبان التفاهمات السياسية حول تشكيل الحكومة، وأن عدم الالتزام بهذه التعهدات يجعل كل طرف سياسي في حِل من التزاماته، مما يهدد مستقبل الحكومة “؟.

كيف رأى العرب والتركمان قرار الحكومة المركزية :
١_ أن قرار تسليم مقر قيادة قوات العمليات في كركوك إلى الحزب الديمقراطي دفع أبناء المكون العربي و التركماني إلى الخروج بتظاهرات تنديداً ورفضاً لهذا القرار.
٢_ يرون بأن القرار صدر بصفقات سياسية أجريت بين القوى السياسية في بغداد والأحزاب الكوردية أثناء تشكل الحكومة الحالية.
٣_ في حال الإصرار على هذا القرار ، ربما يؤدي إلى  إستمرار التظاهرات لحين إلغاءه    ، فهو مرفوض  من قبل المكونين العربي والتركماني”.

كيف يفسرون الحزب الديمقراطي تلك الاحتجاجات من وجهة نظرهم :
١_ أن “عرقلة عودة مقرات الحزب الديمقراطي إلى داخل كركوك يضر بالعملية السياسية وبالاتفاقات المبرمة بين حكومتي الإقليم والاتحادية من جهة، وبين الحزب الديمقراطي الكوردستاني وائتلاف إدارة الدولة من جهة أخرى”.
٢_  مطالبة الحكومة الاتحادية بتنفيذ القانون، وإزاحة الذين يقطعون الطرق ويتظاهرون، واسترداد مقرات الحزب في كركوك، وكذلك في محافظة( نينوى) !.
٣_ أن عودة بيشمركة و الحزب الديمقراطي يعود لثلاثة أسباب وحسب زعمهم ؛  أولهما: خدمي ؛ يرى  الحزب الديمقراطي عندما يدخل كركوك سوف تكون هناك فرصة كبيرة لجماهير هذه المدينة للاعتراض على الخدمات المتردية.
ثانياً:  سيساهم الحزب الديمقراطي بضبط الوضع السياسي غير المستقر ، إلى مستقر ! وهذا عكس ما يراه القوى السياسية في كركوك .

ثالثاً: المطالبة بعودة البيشمركة مرة أخرى ، يهدف إلى  حماية أمن واستقرار المدينة” ، التي تركوها في ٢٠١٤م كهدف سهل للإرهاب .
على رئيس مجلس الوزراء  ، تأجيل هذا القرار (عودة حزب الديمقراطي ) ، لحين أخذ الموافقات من الأطراف الأخرى في المحافظة ، ولا ننسى بأن الحكومة المركزية عليها أخذ ضمانات كافية لعدم عودة وضع محافظة كركوك إلى ما قبل ٢٠١٧ م ، إضافة إلى عدم سحب قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي من تلك المناطق ، لما له من خطر كبير على العراق وباقي المحافظات المجاورة لكركوك ، ونحن نسمع بين فترة وأخرى من الأمريكيين بأن انساحبهم من العراق سيعيد المجاميع الارهابية من جديد . وهنا علامات استفهام .

السؤال المهم من الضامن لوحدة وسلامة وهدوء محافظة كركوك بجميع مكوناتها! .
كندي الزهيري…

المزيد من المشاركات
اترك تعليقا