لَا تضيعوها

محمّد صادق الهاشمي

لو اقتطعنا الجزء القريب من تاريخ الشيعة السياسي، لوجدنا ما يلي:

1- إنّ الطائفية العثمانية قد حكمت العراق أربعة قرونٍ، وكانت القوانين العثمانية (الفرمانات) تنصّ على منع الشيعة من تولّي الحكم، والقضاء، والتعليم، وامتلاك الأراضي، فضلًا عن حرمانهم من حقّ الإدارة والمشاركة في الحياة السياسية.
بل إنّ الهوية الوطنية لهم كانت محلّ تشكيكٍ، إذ جرى التعامل مع الشيعة بوصفهم تبعيةً، وقد قتل العثمانيون منهم أربعين ألفًا في يومٍ واحدٍ، وحاصروا كربلاء وأقاموا فيها المجازر.
إنّ تاريخهم الدموي طويلٌ، مؤلمٌ، قاسٍ، ومتنوّعٌ في أساليب العذاب والتفنّن في القتل والبطش.

2- أمّا العهد البريطاني، فقد عمد إلى عزل الشيعة عن الحكم وحرمانهم من نيل الحقوق. فمنذ عام 1921م إلى سقوط صدام عام 2003م، عانى الشيعة من التهميش، والمطاردة، والقتل، والمصادرة، والتسفير، وقتل العلماء، وإعدام المراجع. صُبَّت على الشيعة كلُّ صنوف العذاب.
وحينما سأل طاهر يحيى المرجعَ السيد محسن الحكيم (قدس سرّه): «ماذا تريدون؟» أجابه الحكيم قائلًا:

> «نريد العدالة، فلماذا تُقبَل معاملة عبد القادر وتُرفَض معاملة عبد الحسين في دوائر الدولة؟»

 

3- راجعوا ما كتبه صدام – بخطِّ يده الآثمة – عام 1991م في جريدة بابل، إذ قال:

> «إنّ الشيعة هم أولاد شويعة الهندية، وسبب كثرتهم في العراق أنّ أمّهم شويعة كانت تمتهن الزنى!»

 

وقد رفعت قوات صدام آنذاك شعارًا طائفيًّا همجيًّا:

> «لا شيعة بعد اليوم!»

 

فأُقيمت المذابح، وشُنَّت الحروب، وجُفِّفت الأهوار، وكان البعثيون الطائفيون يأخذون من ذوي الشهداء ثمن الرصاص الذي أُزهقت به أرواح أبنائهم.

4- على الشيعة أن يُراجعوا التاريخ المعاصر، فإن خانتهم الذاكرة وجدوا أمامهم مجازر بشعة بحقّ آل الحكيم، والمراجع الكبار، من إعدام السيد الصدر وأخته العلوية الفاضلة، إلى اغتيال السيد الصدر الثاني وأولاده، والمرجع الغروي، فضلًا عن تسفير العلماء وزجّ الآلاف منهم في السجون من آل شبر، وآل المبرقع (هاشم ونور)، وآل بحر العلوم، وآل الجواهري، وغيرهم كثير.

وعليه، فعلى الشيعة أن يُحدّدوا مصيرهم بين خيارين لا ثالث لهما:
إمّا أن يُقاطِعوا الانتخابات، فتعود الدماء لتُسفَك بحقّهم كما كانت،
أو أن تمضي العملية السياسية نحو التحقيق من خلال مشاركتهم الفاعلة في الانتخابات.

فلا تضيعوها.

المزيد من المشاركات
اترك تعليقا