الشيعة تعني أتباع الإمام علي (عليه السلام) ولغوياً تعني كل من اتبع شيئاً ما فيسمى بشيعته، حتى قال الإمام الحسين (عليه السلام) “يا شيعة ال أبي سفيان…” إن للشيعة تاريخ مليء بالآلام، ولوحات مطرزة بالدماء، وحكايات تترى مليئة بقصص القتل والذبح والتنكيل والتسميل والتشريد والتعذيب والتفخيخ والتفجير والتقطيع ووووو ، ورؤوس تُرتل على رؤوس الرماح ( أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا) وما زال الذبح فيهم جارياً على منحر الولاء دفاعاً عن توحيد الله في الأرض ، لا لشيء إلا لإنهم شايعوا وبايعوا وأحبوا وإتبعوا محمد وآل محمد صل الله عليه وآله، ويقيناً طريق الآلام هذا سيبقى مُعبداً بالدماء الزكية ومعبداً بالجماجم وأعواد المشانق أملاً بالوصول إلى ذلك اليوم الذي تُرسى فيه أركان دولة العدل الالهي، وقيام قائم آل محمد، وتحقيق حاكمية الله سبحانه وتعالى في الأرض.
ولعمري فمنذ اللحظات الأولى لإستشهاد الرسول الأعظم (صل الله عليه وآله وسلم) فتح باب الظلم مصراعيه على شيعة علي عليه السلام، مابين نبيّ يهجر، وغدير مذبوح، وسُم ناقعٌ، والمسمار ،وصاحبة المسمار وجنينها والضلع المكسور، وهكذا جرّت الدواهي والمصائب والويلات والمحن على شيعة محمد وعلي حتى وقعت الواقعة والنازلة الكبرى في صحراء نينوى فكان ماكان من أمر السماء التي أمطرت دماً عبيطاً على ذبيح الفرات، ليبلغ الشيعة قمم الظلم والقهر على يد آل أُمية والعباس،فأصبح ويقال لإحدهم زنديقاً أهون من أن يقاله شيعي، ودون ذلك فتقطيعاً بسيوف الحكام الظلمة وعسسهم وزبانيتهم .
إن الشيعة كانوا وما زالوا وسيبقون شوكة بأحداق كل حاكم جائر، وصوت عالٍ بوجه الظلم والظالمين و أهل البدع والفسوق، لقد خاض الشيعة صراعاً طويلاً مريراً مع حكومات الظَلَمة المتعاقبة على مر التأريخ، فلم يخيفهم عقاب، ولم يرهَبَهم ظُلم لطاغية أو مستبدٌ أو مستكبر، أولائك الذين تفننوا في القتل والتنكيل بشيعة علي عليه السلام، فقد بنى المهدي العباسي عليهم أسطوانات قصوره، وسلب هارون العباسي بيوت آل محمد، وهكذا كان دين وديدن الملوك والحكام الطغاة مع الشيعة والموالين لمحمد وال محمد.
إن الشيعة اليوم لسائرون على ذات نهج أسلافهم، وذات طريق ذات الشوكة في خوض الصراع من المستكبرين والحكام الظالمين تأسياً بنهج أئمتهم عليهم السلام في مقارعة الباطل أينما كان ووجد، وتحمل كل تبعات إعلاء كلمة الحق، وهم يعيشون عصرهم الذهبي بكل قوة وإقتدار، وأصبحوا رقماً صعباً في معادلة الصراع الدولية لايمكن تجاهله بأي حال من الأحوال، فمن اليمن إلى فلسطين مروراً بسوريا فلبنان والعراق إلى إيران، قوة إقليمية ناهضة ساعية لإن تكون مصداقاً لقول الله سبحانه وتعالى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) فالعدو كان ومازال متربصاً بهم ريّب المنون، ويسعى جاهداً بكل ما أوتي من قوة وحيلة ومكر لتحطيم قيمهم، وتذويب ثقافتهم الأصيلة، وسلخ لباس العفة والطهارة من شبابهم، ولهذا يجب الوقوف بقوة إمام كل هذه التحديات، وعلينا جميعاً تقع مسؤولية التصدي له وكشف مخططاته الشيطانية كالجندر ومشتقاته، والاستعداد الكامل للمشروع العالمي الذي يلوح في الأفق.
إن عوامل صمود الشيعة عبر قرون عصيبة مرت وما زالت عليهم كان ثمنها، قلم عالم، ودماء شهيد، وكلمة شاعر، وقبل كل ذلك حكمة الائمة (عليهم السلام)، أما اليوم فعلينا أداء دورنا وتحمل ما علينا من مسؤولية، وإلا ستذهب ريحنا، ويكون مصيرنا الاستبدال،والحرمان من أن تكون لنا بصمة في تأريخ جهاد الشيعة المستمر منذ يوم السقيفة ولحد اللحظة.
والحمد لله رب العالمين
اللهم عجل لوليك الفرج والعافية والنصر.
إنهم يرونه بعيداً ونراه قريبا.