طوفان الاقصى ، انقلاب المعادلات

عبد الجليل الزبيدي

مثلما فاجأتنا …حركة المقاومة الاسلامية في فلسطين ( حماس ) فاجأت العالم بعملية طوفان الاقصى واعلنت انها جائت ردا على انتهاكات قطعان المستوطنين لباحات المسجد الاقصى وتكرار جرائم جنود الاحتلال ضد سكان الضفة الغربية . .
العملية انطلقت فجر يوم السبت مستفيدة من عنصر المباغة ،حيث تحرك العشرات من مجاهدي حماس برا وجوا وبحرا نحو المدن والمستوطنات في محيط قطاع غزة.
ومع مرور الساعات الاولى، تكشف للعالم ان (طوفان الاقصى) اكبر من عملية وانها ترقى الى مستوى اعلام الحرب بحسب ما وصفها رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو .
هذا الهجوم ترك وسيترك تساؤلات كبيره من شانها اعادة النظر بمقولات من قبيل ( إسرائيل و الجيش الذي لا يقهر ) و( القبة الحديدية الحصينة ). و ( شبكة الموساد العنكبوتية ) … إذ وضعت هذه العبارات على المحك في الساعات الاولى من هجوم المجاهدين وتبين للعالم انها بالفعل تعود الى مرحلة ما قبل الطوفان .
فالصور التي وردت مباشرة من مواقع انتصارات المجاهدين في عمق المعسكرات والمستوطنات ، عرضن لنا مشاهد لم نشاهدها في تاريخ الصراع مع الكيان الاسرائيلي ، مثل تكدس جثث قتلى الجيش الاسرائيلي في داخل معسكراته ،ومشاهد اقتحام المستوطنات وتطهير المجاهدين لبيوتها وتوسلات المستوطنين وشتائمهم لنتنياهو الذي خذلهم وتخلى عنهم .
هذه المشاهد المصورة والملونة اكدت ان المنظومة الامنية لاسرائيل قد انتهكت وان ما يعرف بصقور الموساد قد مرغت انوفهم برماد دبابات الميركافا التي شاهدناها وهي تحترق ويتم أسر افراد طواقمها .
ايضا الهجوم اسقط وبالضربة القاضية ( منظومة القبة الحديدية الحصينة ) بعد ان وصلت مئات الصواريخ والمقذوفات الى اهدافها في القدس وتل ابيب وبئر السبع ، بل وطالت مواقع عسكرية اسرائيلية تبعد اكثر من 110 كلم عن قطاع غزة حيث اطلقت المقاومة موجات متوالية من الصواريخ وذلك في المرحلة الثانية من هجوم الطوفان .
عامل استراتيجي اخر تحقق للمقاومة هو استخدام الطيران المسير وبحرفية عالية حينما قصفت المسيرات تجمعات واليات للعدو وفي مناطق متفرقة وفي مدن ومواقع عسكرية تبعد عشرات الكيلومترات عن القطاع .
مع اهمية هذه الانتصارات والتحولات ، الا ان الاهم في هذه العملية هو مشاركة اغلب قوى المقاومة الفلسطينية في الهجوم حينما التحقت الفصائل تباعا بمقاتلي حماس الذين كان يخوضون قتال شوارع في المستوطنات .
سياسيا ، واقليميا ، اتى الطوفان على الغسيل الوسخ المعلق على خيوط وغزل التطبيع بين اسرائيل وبعض العرب ، بعد ان ظن ذلك البعض ان اسرائيل باتت عراب التنمية والاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي في المنطقة ، وبالتالي اجبر الطوفان ( انصار التطبيع ) على اعادة النظر في غزلياتهم ب( الفزاعة الاسرائيلية ) بعدما اثبت الحمساويون ان هذا الكيان اوهن من بيت العنكبوت .
والطوفان كذلك ، انطلق بعد ايام من اعلان رئيس جهاز الموساد الاسرائيلي بانه سينقل المعركة مع ايران ( الى شوارع طهران ) وفي حينها رد قائد الثورة الامام الخامنئي قائلا (( إسرائيل الى زوال … )) ، ليكتشف يوسي كوهين ان مسلحي حماس تسللوا الى عمق كيانه من حيث لا يدري وبالتالي صارت الفاصلة كبيرة امامه وبات عليه القتال في مستوطنات الغلاف قبل ان يفكر بالقتال في شوارع طهران .

المزيد من المشاركات
اترك تعليقا