أوّلاً: إضاءة حول البيان
صدر عن مكتب المرجع السيّد السيستانيّ بيانٌ بتاريخ 10-10-2023، حول الأحداث التي تجري بين الشعب الفلسطينيّ والعدوّ الإسرائيليّ ، تضمّن المحاور التالية :
1. تحدّث البيان بألم بالغ عمّا يتعرّض له الشعب الفلسطينيّ في غزة، وذكر المرجع بالأرقام حجم الفاجعة، من قتل وتدمير وقطع للمياه والدواء وإغلاق للمنافذ الحدودية ، واعتبر المقتولين «شهداء» بقوله: « سقوط أكثر من ستة آلاف من المدنيين الأبرياء بين شهيدٍ وجريح ».
2. وجّه كلامه وعتبه الشديد – كعادته – إلى المجتمع الدولي، وحمَّله المسؤولية التامَّة، فأمام مجازر غزّة وقف العالم ساكتاً، لذا خصّ غزّة بالذكر، وسمَّاهم «المدنيين الابرياء» ليُظهر للرأي العامّ، والأمم المتحدة، والمجتمع الدوليّ أنّ الاستهداف كان ومازال لأبرياء عُزَّلٍ، وهذا يتنافى والشرائع السماوية، والقوانين المتَّبعة عالمياً؛ لذا قال سماحته : « ويجري هذا بمرأى ومسمع العالم كلِّه، بلا رادع ولا مانع، بل هناك من يساند هذه الأعمال الإجرامية ويبررها بذريعة الدفاع عن النفس » .
3. أشار سماحتُه إلى ما أشار إليه الإمام السيّد الخامنئيّ في هزيمة العدوّ، وتفوّق المقاومة بقوله: « كأنّ العدوّ الإسرائيليّ يريد بذلك الانتقام من المدنيين العزّل، وتعويض خسارته المدوّية، وفشله الذريع في المواجهات الأخيرة» .
4. وقال : – موجّهاً كلامه للرأي العامّ – « إنّ العالم كلَّه مدعوٌّ للوقوف في وجه هذا التوحّش الفظيع أو منع تمادي قوّات الاحتلال عن تنفيذ مخططاته لإلحاق مزيد من الأذى بالشعب الفلسطينيّ المظلوم» .
وهنا استعمل سماحته مفردة «الاحتلال» ووصفه بـ «المتوحِّش»، وبهذا قد جددت المرجعية مواقفها، عبر التاريخ بأنَّها تحكم على العدوّ الإسرائيليّ بأنَّهُ محتلٌّ لا يراعي القيم ، ولا الانسانية، ومن الطبيعيّ أنّ الشريعة الإسلامية توجب مقاومة الاحتلال .
5. ختم سماحته البيان بالفتوى في كيفية إنهاء مأساة الشعب الفلسطيني من خلال « إزالة الاحتلال » عن أراضي الشعب الفلسطينيّ المغتصبة منذ سبعة عقود، ونيل الشعب الفلسطينيّ حقوقه المشروعة، وهذا هو السبيل الوحيد لإحلال السلام والأمن وإلا ستستمرُّ المقاومة ، وهي حقٌّ مشروع لكلّ شعب تُحتلّ أراضيه » .
وهنا أكّد سماحته على أنّ الطريق الوحيد لاستعادة الامن هو مقاومة الاحتلال.
6. إن سماحته قد أكّد على أنه كمرجع يرى أنَّه ليس مع أيِّ حلٍّ تطرحه الكواليس من حلِّ الدولتين، أو المساومة، أو المؤتمرات من كامب ديفيد إلى أُوسلوا ، بل نصّ على أنّ الحلّ يكمن في المقاومة، وفي إزالة الاحتلال كاملا عن أرض فلسطين المغتصبة .
ثانياً: الخلاصة :
1. خاطب سماحته الرأي العامّ ، وأدان سكوته وتبريره ووقوفه إلى جانب المحتل. والمقصود هنا كلّ دولةٍ وقفت إلى جانب إسرائيل .
2. ندد وأدان باستهداف المدنيين ووصفه بالعمل الوحشي .
3. وصف الضحايا من الشعب الفلسطيني بالشهداء .
4. أكّد أنّ المقاومة حققت نصراً كبيراً، وأنّ العدوّ فشل فشلا كبيرا ، في إشارةٍ إلى جبن العدوّ بأنه لا يتمكَّن من القتال على الأرض أمام المقاومة لذا يستهدف الأبرياء والعزل بطائراته .
5. أكّد أنّ الإسرائيليين محتلّون للأرض وغاصبين، ولا بدّ من مقاومتهم، وأنّ مقاومتهم مشروعة .
6. أكّد على أنّ الأمن لا يتحقق إلّا بالمقاومة إلى أنْ تتحقق الأهداف المشروعة في استعادة الأرض.
7. أعطى للمقاومة الشرعية، ومنحها الحقّ في الاستمرار، ما دام الاحتلال قائماً.
ثالثا : النتائج
1. يعتبر هذا البيان موقفاً إسلامياً شيعياً موحَّداً من المراجع في العالم الاسلاميّ في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطينيّ ، ومن هنا تمّ قطع الطريق على من يتصيد بالماء العكر لخلق تباين في مواقف المراجع مدَّعياً أنّ ثمّة أغراضاً وأهداف لدى البعض في دعم الشعب الفلسطينيّ عند البعض وليس لانه موقف ثابت شرعا .
2. جعل العالم الإسلاميّ وخصوصا المجتمعات والمؤسسات الدينية السنية أمام حرج شديد؛ لسكوتها وتطبيعها على حساب حقِّ الشعب الفلسطينيّ ، ولا بدّ لها من أنْ تقف ذات الموقف الشيعي الموحّد.
3. أعطى سماحته الشرعية لأيّ عمل مقاوم استعادة للأرض، ورفض أيّ حلٍّ وسطيّ، وأنّ هذا هو الموقف الشرعيّ الذي لا يقبل التأويل، ولا أنصاف الحلول .
4. وقف المجتمع الشيعيّ اليوم بكُلّ قوّة مناصراً القضية الفلسطينية .
5. إنّ أمريكا وأُوربا التي تحاول أنْ تروّج في إعلامها أنّ ثمّة مواقف متباينة ومتعددة ومتفاوتة في القضية الفلسطينية بين المراجع ، والآن أدركت أنّ تلك المدَعيات ضربٌ من الخيال، وأنّ الموقف الحوزوي موقفٌ دينيٌّ واحدٌ لا يختلف ولا يتخلّف لا في قم ولا في النجف .
6. سوف ينخفض منسوب توجّه البعض الشيعي والسني إلى السياسات المخجلة التي يصفونها بالمرونة والتطبيع .
7. سلب سماحته الفرصة من أيّ مزايدات في العراق وطرق تعبئة غير مشروعة تجمع بين المحتل الإسرائيليّ مع الإطار في أيّ تحرّك يريدون، فإنّ بيان المرجع الفيصل في توحيد موقف الأمّة الإسلامية، وعلى الأمة السير خلف القيادة العليا المتمثلة بالمراجع العظام .
8. أصبح العالم كلُّه يدرك أهمّية موقف الشيعة الموحَّد من قضايا الأمّة المصيرية، ومن نصرة المسلمين، وأنّ الشيعة اليوم هم القوّة الوحيدة التي تقف بوجه الاستكبار .
9. أدرك المجتمع العربيّ والإسلاميّ أنّ المرجعية الشيعية تدافع عن حقوق المسلمين جميعاً من دون فرق بين سنّي وشيعي . ونسال الله التوفيق.
أنها فتوى الجهاد نقطة راس السطر.
الأربعاء 11 / 10 / 2023