لماذا فشلت الوحدة 8200 الاسرائيلية في توقع عملية طوفان الاقصى؟!

أ.د.جاسم يونس الحريري

أ.د.جاسم يونس الحريري ||

بروفيسور العلوم السياسية والعلاقات الدولية

وحدة 8200 ويشار إليها أحيانا باسم وحدة SIGINT الإسرائيلية، وهي فيلق وحدة الاستخبارات الإسرائيلية وهي مسؤولة عن التجسس الإلكتروني عن طريق جمع الإشارة (SIGINT) وفك الشفرة. وكذلك الوحدة مسؤولة عن قيادة الحرب الإلكترونية في الجيش الإسرائيلي. منذ ثلاثة عقود دشن جهاز ((أمان))، الذي يعتبر أكبر الأجهزة الاستخبارية الصهيونية، قسما متخصصا في مجال التجسس الإلكتروني، أطلق عليه ((الوحدة 8200)).أهدافها هي المساهمة في تقديم رؤية استخبارية متكاملة مع المعلومات التي توفرها المصادر البشرية القائمة على العملاء. وتعتمد على ثلاث طرق في العمل في المجال الاستخباري وهي: الرصد، والتنصت، والتصوير، والتشويش. ويتطلب هذا النوع من المهام مجالا واسعا من وسائل التقنية المتقدمة. يقوم ((مجمع الصناعات العسكرية الصهيونية)) الذي تملكه الحكومة خصيصا بتطوير أجهزة إلكترونية بناء على طلبات خاصة من القائمين على ((وحدة 8200))، التي يقودها ضابط كبير برتبة عميد.أن التقدم الهائل الذي حققته ((إسرائيل)) في مجال صناعة التقنيات المتقدمة قد وظف بشكل كبير في تطوير وتوسيع عمليات التنصت التي تقوم بها الوحدة، ووجود دور بارز لشركات القطاع الخاص في دعم الوحدة باختراعات تعزز من قدرات التصنت. أن الحواسيب المتطورة التابعة لوحدة 8200 قادرة على رصد الرسائل ذات القيمة الاستخباراتية من خلال معالجة ملايين الاتصالات ومليارات الكلمات.ومن مهامها :-

أولاً: التنصت والرصد:-

————————

يعتبر التنصت على أجهزة الاتصال السلكية واللاسلكية من المهام الأساسية للوحدة (( 8200 ))، فالهواتف الأرضية والنقالة، وأجهزة اللاسلكي يتم التنصت عليها بشكل دائم. والذي يساعد الوحدة على أداء مهمتها بشكل تام، هو حقيقة ان السلطات الاسرائيلية هي التي اقامت شبكة الاتصالات في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي بالتالي لا تحتاج إلى عمليات التقاط للمكالمات، بل ان ((المقاسم)) الرئيسية ل((شبكة الاتصالات الفلسطينية)) مرتبطة بشكل تلقائي بشبكة الاتصالات الأسرائيلية ((بيزيك)). إلى جانب ذلك فان ((شبكة الهاتف النقال الفلسطيني)) الوحيدة العاملة في الأراضي الفلسطينية والمعروفة ب ((جوال))، تعتمد على ((إسرائيل)) في الكثير من خدماتها، فضلا عن توقيعها على اتفاق مع شبكة ((اورانج))، الإسرائيلية للاتصالات، الامر الذي يجعل الوحدة 8200، لا تحتاج إلى كثير من الجهود من اجل رصد المكالمات الهاتفية.

ثانيا:- الحرب الإلكترونية:-

————————–

لعبت دوراً أساسياً في الحرب الإلكترونية ضد المشروع النووي الإيراني، وأسهمت في تطوير فيروس ((ستوكسنت))، الذي استهدف عام 2009 المنظومات المحوسبة التي تتحكم في أجهزة الطرد المركزية المسؤولة عن تخصيب اليورانيوم في المنشآت النووية الإيرانية، مما أدى إلى تعطيلها.ودلت الوثائق الجديدة التي كشف عنها ((مخزن الأرشيف الرسمي الإسرائيلي ))مؤخراً بمناسبة مرور خمسين عاما على حرب 1973، أن الوحدة مسؤولة عن ما بات يعرف بـ((الوسائل الخاصة))، والتي تتضمن زرع أجهزة تنصت في مكاتب ومرافق حيوية في عمق البلدان العربية، خصوصا البلدان التي تكون في حالة عداء مع ((إسرائيل)). وتعمل ((وحدة 8200)) بشكل وثيق مع وحدة ((سييرت متكال))، الوحدة الخاصة الأكثر نخبوية في الجيش الإسرائيلي والتي تتبع مباشرة لرئيس شعبة الاستخبارات العسكرية. وبالإضافة إلى تخصصها في تنفيذ عمليات الاغتيال التي تتم في العالم العربي، فإن ((سييرت متكال)) تلعب دوراً مركزياً في جمع المعلومات الاستخبارية عبر زرع أجهزة تنصت وتصوير، بناءً على تنسيق مسبق مع وحدة 8200.وتتنافس شركات التقنيات المتقدمة الرائدة في ((إسرائيل)) على استيعاب الضباط والجنود الذين يتسرحون من الخدمة في هذه الوحدة 8200 وذلك بسبب قدراتهم الكبيرة في المجال التقني.

فشل وحدة8200في عملية طوفان الاقصى:-

——————————————–فشلت وحدة 8200 في توقع أنطلاق عملية ((طوفان الأقصى)) البطولية ، ويؤكد احد المراقبين الاسرائيليين أن سبب الفشل هو ناتج عن ((وجود الكثير مما ينبغي عليها القيام به، مع التركيز على حماس، وحزب الله، وعلى لبنان وإيران والتهديدات المحتملة من سوريا))، بناء على موقع ((بلومبيرغ)). هذا بالإضافة إلى((تزايد المتطلبات الأمنية في الضفة الغربية وتوسع المستوطنات، والاضطرابات الداخلية مع احتجاج مئات الآلاف من الإسرائيليين على خطط رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لزيادة السلطات البرلمانية في المحكمة العليا، وقد امتدت هذه الاحتجاجات أيضًا لتشمل ضباط الاحتياط في وحدة 8200، الذي رفض بعضهم الخدمة الاحتياطية))، حسبما نشرت صحيفة ((هآرتس)) العبرية. ويقول ((جيفري ويلز))، خبير الاستخبارات السيبرانية، وهو على اتصال بالعاملين الإسرائيليين الحاليين والسابقين في الوحدة 8200، ((إن كل هذه الأسباب قد صرفت انتباه إسرائيل وأضعفت وكالات الاستخبارات)). وأضاف لموقع بلومبيرغ ((أن الوحدة 8200 فقدت الكثير من المواهب بعد أن انتقلوا إلى عالم الأمن السيبراني التجاري المزدهر، وجذبتهم طموحات ريادة الأعمال والمكافآت العالية)).ويقول موقع(( The Cradel))الامريكي ، ((إن إحدى التفسيرات الأكثر إثارة للاهتمام المقترحة حتى الآن لفشل الوحدة 8200 في عملية طوفان الأقصى؛ هو أن المقاومة استخدمت ((هواتف هواوي الذكية)) في اتصالاتها الرقمية، قد يكون ذلك بسبب رفض شركة هواوي إدخال أبواب خلفية للتنصت في التكنولوجيا والأجهزة الخاصة بهم)). إذ أن وظيفة الاتصال عبر الأقمار الصناعية في هاتف Huawei Mate 60 Pro، على سبيل المثال، ((تسمح للهاتف بإجراء المكالمات ونقل البيانات دون اتصال بالشبكة، وبالتالي تجنب مراقبة برامج التجسس بيغاسوس)).ويستخدم نموذج ((هواوي)) أيضًا نظام التشغيل Harmony المستقل ((الذي يعتمد أحدث الإجراءات الأمنية للدفاع بشكل فعال ضد هجمات برامج التجسس بيغاسوس))،والتي يمكنها تجنب مراقبة البرنامج بشكل فعال.وأشارالموقع الامريكي (( The Cradel)) إلى أن طوفان الأقصى لم يكن فشلًا أمنيًا مهينًا لـ((إسرائيل)) فحسب، بل أثار أيضًا تساؤلات حول فعالية التكنولوجيا الأمنية التي تتبجح بها)).ومن الممكن أن يكون لعملية طوفان الأقصى التاريخية في 7 أكتوبر\تشرين الأول 2023عواقب بعيدة المدى، مما يؤثر على سمعة الاحتلال ليس فقط في المجال العسكري، ولكن في المجالين التجاري والاقتصادي أيضًا.

المزيد من المشاركات
اترك تعليقا