منها شبح يهدد الرواتب.. العراق على حافة الانزلاق لمواجهة ثلاثة مخاطر
يواجه العراق خطر الانجرار إلى الصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط مدفوعاً باستمرار الحرب في غزة والصراع الإقليمي
يواجه العراق خطر الانجرار إلى الصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط مدفوعاً باستمرار الحرب في غزة والصراع الإقليمي، ما يدخل البلاد في دائرة الخطر بأبعاده الثلاثة الأمني والعسكري والاقتصادي.
وهذا ما حذرت منه الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس-بلاسخارت، أمس السبت، حيث قالت إن “الشرق الأوسط يمر بمرحلة حرجة، حيث يهدد الصراع المحتدم في غزة والأعمال المسلحة في أماكن أخرى باندلاع مواجهة كبيرة. والعراق معرض لخطر المزيد من الانجرار إلى هذا الصراع”.
وأضافت الممثلة الأممية في بيان “على الرغم من جهود الحكومة لمنع تصاعد حدة التوتر، إلا أن الهجمات المستمرة – والتي تنطلق من داخل حدود العراق وخارجها – من شأنها أن تؤدي إلى تقويض الاستقرار الذي تحقق بعد جهد جهيد في البلاد والإنجازات التي حققتها في السنوات الأخيرة”.
وأكدت، أن “استقرار العراق وأمنه هما في مقدمة وصلب جميع أعمالنا”، داعية جميع الأطراف في العراق إلى “ممارسة أقصى درجات ضبط النفس”.
خطر بأبعاد ثلاثة
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاستراتيجي، أحمد الشريفي، إن “العراق في دائرة الخطر على المستوى العسكري والأمني والاقتصادي، ومسألة انسياق العراق إلى الصراع في التوازنات الإقليمية خطأ استراتيجي، وعلى صانع القرار السياسي أن لا يتماهى مع هكذا قرارات تنسجم مع صراع المحاور في الإقليم”.
ويضيف الشريفي، “لاسيما المحور الذي يتبع (إيران – روسيا – الصين)، لأن معنى ذلك ستعبأ الإمكانيات والطاقات ضد الولايات المتحدة التي توصف دستورياً بأنها حليف استراتيجي”.
ويوضح، أن “هذه الازدواجية في المعايير قد تؤثر على صانع القرار السياسي وبما تدخل البلاد في تحدٍ في وقت لا يزال الوضع على المستويين الأمني والعسكري هشاً، وإمكانيات وقدرات العراق محدودة جداً”.
وعن البعد الاقتصادي، يبيّن أن “البلاد لا تزال تحت ضاغط اقتصاد ريعي يعتمد على سلاسل النقل البحري، وإن حدثت أعمال قد تؤدي إلى عرقلة تصدير البترول عبر الإطلالات البحرية وغلق مضيق هرمز أو مضيق باب المندب، فسيعاني العراق ليس من أزمة وإنما انتكاسة اقتصادية قد لا يستطيع من خلالها حتى تأمين الرواتب لموظفي الدولة والمتقاعدين وبالتالي ستدخل البلاد في مأزق كبير”.
ويشير إلى أن “صانع القرار السياسي يرتجل القرارات ويذهب بتبني خيارات ربما يراهن فيها على الزمن أو على التسويف، رغبة بأن يحسم الصراع إقليمياً، لكنه صراع بعيد المدى، ودليل ذلك ما حصل في غزة وإلى الآن لا تزال المعطيات تشي بأن الحرب سوف تستمر لفترة أطول”.
وخلص الشريفي إلى القول، إن “الصراع الإقليمي سيكون صراعاً طويل الأمد، وأن انجرار العراق لهذا الصراع سيدخل البلاد في دائرة الخطر بأبعاده الثلاثة الأمني والعسكري والاقتصادي”.
“مبالغة” و”ليست من اختصاصها”
في المقابل، يرى مراقبون أن تقرير الأمم المتحدة الأخير خاض بتفاصيل أمنية “ليست في صلب اختصاصها”، وأن الحديث بأن العراق في دائرة الخطر، “مبالغة” لما يجري في الواقع.
وفي هذا الجانب يذكر الخبير الأمني، فاضل أبو رغيف، أن “تقارير الأمم المتحدة بهذا الخصوص لا اعتقد بدقتها كون المجسات هذه المرة لم تكن مجسات مدنية فيما يتعلق بخصوص منظمات مجتمع مدني أو غيرها، بل هي خاضت بتفاصيل أمنية قد لا تكون في صلب اختصاصها”.
ويؤكد أبو رغيف في حديث ، أن “الوضع الأمني في العراق تحت السيطرة، وسط انخفاض الجريمة والجريمة المنظمة، وانعدام أو قلّة العمليات الإرهابية”.
ويستدرك قائلاً، “نعم قد تكون هناك انسدادات سياسية هنا وهناك، واحتقان سياسي، وأزمات تلوح في الأفق، لكنها لا ترتقي لمستوى الخطر، وهي ليست المرة الأولى التي تأتي فيها تصريحات ضمن تقارير صادرة من الأمم المتحدة بخطورة الوضع في العراق”.
ويضيف، أن “الاجهزة الأمنية الميدانية التعبوية الاستخبارية تضع يدها على مقبض الاستعداد، وليس أدل من ذلك إلا انحسار العمليات الإرهابية سواء على نحو المفخخات أو الانتحاريين”.
من جهته، يقول المحلل السياسي، سرمد البياتي، إن “الأمم المتحدة تكلمت عن دائرة الخطر حول الاستهدافات التي تحدث على قوات التحالف الدولي وأميركا، والردود التي تقوم بها القيادة المركزية الوسطى أو القوات الأميركية بصورة عامة، والتي تسبب نوعاً من القلق داخل الشارع العراقي، وهذا كله مرتبط بما يجري في غزة”.
ويرى البياتي خلال حديثه ، أن “موضوع دائرة الخطر كان فيها مبالغة، فهي استهدافات لمستشارين أميركان موجودين داخل قواعد عراقية، ولن يحدث تماساً واضحاً بين الطرفين”.
يذكر أن فصائل مسلحة عراقية تعلن على نحو شبه يومي استهداف قواعد أميركية في العراق والمنطقة، رداً على استمرار القصف الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي. وتقول الفصائل إن الهجمات الإسرائيلية على القطاع تتم بدعم أميركي مباشر.