إيران ردَّت و سَتَرُد تَزُولُ الْجِبَالُ وَلَا تَزُلْ

مُحمّد صادق الهاشمي

تتعالى الأصوات من مختلف الأطراف المغرضة، وتتصاعد الهجمة الشرسة من الصهيونية ضد موقف الجمهورية الاسلامية لشيطنتها وكأنّها تخلّت عن دورها في دعم المقاومة، وهذا المنهج التشكيكي عمدت اليه المخابرات الأمريكية عبر التأريخ في مساوقة سلاحها الفتاك بسلاح الإعلام الذي يبث السموم والإحباط، وها هي اليوم الجمهورية الاسلامية تتعرّض لأبشع حملة تسقيط من الإعلام الغربي لكن هناك قلوب مؤمنة مخلصة طاهرة قد تتحدث بحب وطغيان المشاعر النبيلة لإخلاصها، ولكنّها قطعاً لاتشكّك ولا تهن؛ إنّما يدفعها الحب والرأي والرؤية في تحديد الموقف، وهؤلاء خارج كلامنا وإنّما كلامنا الى الإعلام المغرض المعادي فنقول :

أولًا وقبل كل شي أنَّ إيران عبر وجودها احتضنت المقاومة وانشأتها وطوّرتها حتى استوت على جودي العظمة، وأنّ إيران ستردّ وتردُّ ولا يمكنها ــ آيدولوجيا ــ أن تقف متفرّجة، وما يقال من الإعلام الصهيوني وقنوات الإسناد العبرية الناطقة بالعربية من توهين هو ضمن منهج خطير لأجل تفكيك العلاقة بين المحور آلام في المقاومة، وبين الجبهات الشريفة وتلك الأيّام نداولها بين الناس، وسيرى العالم الرد الإيراني قريباً، ولا نقول هنا تحليلًا، وإنّما نقولها بكل ثقة أنّ إيران تطبخ الرد الحاسم الذي يلقِّن أمريكا درساً، ولأنَّ الحرب الآن مع الغرب ومع امريكا ومع الصهيونية ومع كل محور الشر، وأنّها حرب عالمية ضد الشيعة أولًا وآخراً، وضد كل المقاومة الشريفة، وضد غزة لأجل استعادة وجودها في غرب آسيا الذي أضعفته المقاومة وفي طريقه الى الهزيمة، فإنّ إيران والمقاومة ستختار الرد الحكيم كما فعلت في سابق الأحداث والحوادث وشواهد التاريخ كثيرة وكبيرة.

نعم؛ إيران تطبخ الرد وتفكّك العقد لتقلّل الأخطار وتمنع على العدو إشعال النيران غير المدروسة وتلك التي يخطط لها اللوبي الصهيوني الذي يعتبر في مخططه نقطة النجاح الأخيرة والكبيرة هي إشعال الحرب التي تجر فيها المنطقة الى نيران ورماد وتخرج من بين الرُّكام لاستعادة قوتها كما فعلت في الحرب العالمية الأولى والثانية؛ لأنَّ اسرائيل اليوم مُحاصَرة من ميادين المقاومة في جغرافيا تجعلها خاسرة، وتشهد أيضا تطوراً كبيراً في الإمكانيات الجهادية، لذا تريد اشعال حرب كبيرة تعتقد أنّها السبيل لإعادة خريطة غرب آسيا والنظام الدولي كما صرح اليوم الوغد نتنياهو، ويبدو من كلامه أن الشرق وغرب آسيا التي تتحكم بمصير أمنه المقاومة لم يعد يوفر له الأمن.

إنَّ عنصر قوتنا اليوم هو أن تكون المواجهة من خلال امتلاك المحور المقاوم الفعل وليس ردة الفعل التي تجعله يطفي الحرائق دون ثمار، فإنَّ أمريكا تمارس دوراً مزدوجًا بين الضرب والاختفاء والمخادعة، وبين أنّها تقود الحرب بنفسها، وبين الضغط الصيهيوني عليها لتفعيل دور اكبر، ومن هنا فإنّ الجمهورية ومحور المقاومة سيقدم الخسائر الآن نعم، لكنّه سيختار الموقف الحاسم وعلى المؤمنين الثقة باللّه وبالقيادة واستيعاب المرحلة وفهم حركة التاريخ .

إنَّ من يتهم ايران بأنّها تخلّت عن دورها تحت ضغط الظروف الداخلية لها مما جعلها لا ترد على اغتيال القائد هنية والقائد الشهيد نصر اللّه فليتذكر أنّ القيادة ما زالت بيد الإمام الخامنئي ورجالٍ صدقوا ما عاهدوا الله عليه لأجل اختيار المكان والزمان والظرف الحاسم في الرد، ولئن رحل الشهيد نصر اللّه فان العراق ولبنان وايران واليمن خير شاهد على وجود القامات الكبيرة والتي غيّرت وستغيّر وجه التأريخ والأحداث خير شاهد، وأكبر دليل على شرفهم وقوتهم وتمسّكهم بالجهاد والمقاومة، وهم من هزموا أمريكا وداعش، وأنّ الجندي الامريكي في العراق كان يعتمد ملازمة (الحفّاظات) خشيةً من الابطال، وتتذكرون أيّها الابطال كيف أنّ أمريكا توسلت لدى القيادات العليا بأن تمهلهم المقاومة العراقية يومين لأجل الانسحاب والهزيمة.

أيُّها الأبطال؛ أنتم أنصار الحوراء زينب وفاطمة الزهراء الذين هزموا داعش والقاعدة و رجال ثورة العشرين، أمّا رجال لبنان فقد لامست بنادقهم نحور الجبناء من بني صهيون، وفي كلّ الحروب خرجوا منتصرين، وأمّا رجال اليمن فهم رجالٌ تمتد أيديهم فوق هامات الزمن ورؤوس الليالي، فلا يفتُّ في عضدكم قول العملاء والأعداء، فمال زال خزين الرجال والأبطال والمقاومة بقيادة المراجع وولي الأمر الذي يعدكم بالنصر، وأنّ أفضل نصر هو الثقة والصمود وتعميق الولاء.

أيُّها الاخوة؛ كان العالم الإسلامي منذ عقود مسرحاً للمؤامرات والانقلابات الامريكية والبريطانية والاجتياحات الاسرائيلية، ولم يتغير وجه التاريخ إلّا بظهور الإمام الخميني وقيادة المراجع من آل الحكيم وآل الصدر والدُّعاة والرِّساليِّين ورجال الميادين، فظهرت معهم قوة المقاومة السياسية والجهادية في العراق ولبنان واليمن فأصبحنا اليوم أقوى قوة في العالم، وقد حققنا انتصارات كبيرة وركّعنا اسرائيل والغرب ألف مرة تحت أرجلنا كما أشار الإمام الخامنئي الى ذلك؛ نعم ثورة الحوزات والمراجع ودماء الابطال وقيادة الإمام الخامنئي ودور المرجع السيستاني جعلتنا في قوة لا يمكن أن تُقهَر فأمّا الرد فهو انطلق يوم انتصار الثورة الإسلامية في إيران،والرد لدم الشهيد نصر اللّه حاسم وقادم، والثبات هو سيد الموقف، وأنّ الجمهورية تسير بحكمة الإمام الخامنئي نحو الرد الاستراتيجي المدروس الذي لايقل عن صياغةِ عالمٍ جديدٍ فيه لا نكون – نحن المقاومة – فيه إلّا أسياد العالم، كنا قبل ثورة الامام الخميني نخشى أن يتخطفنا الطير، وكانت الضاحية في بيروت يجتاحها بني صهيون دون ردٍّ، وكان العراق مسرحاً للبعثيين والمخابرات البريطانية، وكانت اليمن مغيَّبة عن التأريخ عقوداً من بطش آل سعود، ونحن اليوم في قمة المجد نعدُّ العُدَّة الى الظهور المهدوي، وتغيير النظام العالمي ويكفي قائدنا المرجع السيستاني والإمام الخامنئي .

أنتم الصادقون المخلصون وأُذكِّركم بما قاله الإمام علي (عليه السلام) لابنه محمد بن الحنفية يوم سلّمه الراية يوم الجمل ((تَزُولُ الْجِبَالُ وَلَا تَزُلْ عَضَّ عَلَى نَاجِذِكَ أَعِرِ اللَّهَ جُمْجُمَتَكَ تِدْ فِي الْأَرْضِ قَدَمَكَ ارْمِ بِبَصَرِكَ أَقْصَى الْقَوْمِ وَغُضَّ بَصَرَكَ وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ)).

المزيد من المشاركات
اترك تعليقا