أوّلاً: سجَّل شيعةُ العراق ملحمةَ الكرم والعطاء، وإيواء شيعة لبنان، وامتدت المواكب الحسينية على امتداد بيروت والعراق «هله بيكم، عين غطه وعين فراش» فالعراق بمرجعيته وحكومته ،وقواه السياسية وشعبه وفصائله ، وقف كلّه على حدِّ الموتِ، ودكَّت صواريخهم قلب الكيان الغاصب.
ثانياً: ومن المواقف البارزة والدروس والعبر التي خرجنا بها من طوفان الأقصى، والتي غيَّرت مسارات وثقافات ومخططات العدوّ ، هي تأييد المرجع آية الله العظمى السيّد عليّ السيستانيّ للمقاومة، ودعوته لإسنادها، تلك الشيبة المباركة التي عبّر عنها الإمام الخامنئي : « أدعو الشعب العراقيّ أن يعرف قيمة المرجع السيستاني»، نعم إنّ بيانات السيد السيستانيّ قد أرعبت العدوّ؛ لأنّ العدوّ يعرف حجمه وتأثيره، ومقدار قدرته على تعبئته للأمّة، وقد لقَّنهم من قبلُ درساً بفتوى «الجهاد الكفائي» .
ثالثاً: ضحَّت إيران بكلِّ ما تملك، وعرَّضت وجودها وأمنها القوميّ كاملا للخطر دون تردد ؛لمناصرة الشعب الفلسطينيّ، ورسمت صواريخ «الفرط صوتي» بسرعتها الخطّ البيانيّ بنفس السرعة لصعود نجم المقاومة في كلِّ شيء كقوّة مهمّة في الخليج والعالم .
رابعاً: أنهت هذه المعركةُ التي دارت رحاها لعامٍ ونيِّفٍ مقولة: إنّ السلاح النووي والذكاء الاصطناعي يحقق النتائج لصالح العدوّ، فقد انهزم العدوّ مع كلّ ما يملك من ترسانة الأطلسي وأموال الخليج .
خامساً: نعم تعرّض الشيعة إلى التهجير، وهدم المدن، أُسوة بأهل غَزَّةَ ،وخسروا الدماء الزاكية كَمَّاً ونوعاً لأجل فلسطين، وإنّ اختلاط الدم السنِّي مع الدم الشيعيّ ألغى الفواصل التي كان يرسمها العدوّ طائفياً، وأثبتت إيران وكلُّ المحاور بتلاوينها المذهبية أنها تدافع عن المسلمين مهما كلَّف الثمن، متجاوزة الفواصل الطائفية التي وضعها الاستكبار .
سادساً: أدرك الخليج أنّ الكيان الغاصب ومَنْ خلفه من الدول الكبرى والصناعية السبعة أنها غير قادرةٍ على أنْ تحمي نفسها ومصالحها، فمن الطبيعي أنْ تكونَ عاجزةً عن أنْ تحمي حلفاءها في الخليج، ومن هنا سوف يظهر واقعٌ إقليميّ جديدٌ تكون فيه السيادة للشيعة ومحور المقاومة .
سابعاً: الوعد الصادق الأوّل والثاني لقَّن العدوّ درساً جعله يعيد حساباته، فقد اكتشف الغربُ كاملا وأمريكا والكيان الغاصب أنّ إيران والمقاومة لا تقاتل بالعصي، بل بالسلاح القادر على اختراقِ القبَّة الحديدية وجعلها حطيما ، وأسقط وأفشل دفاعات العدوّ، وهكذا المسيَّرات التي انطلقت من محور المقاومة التي عجز العدوُّ عن ردِّها وردعها، فتغيَّرت معادلاتُ الردع، ومسارات المعركة التي انتهت بالنصر لصالحِ محور الاسلام، علماً أنّ نتنياهو أرادها حرباً دينية تلمودية ضدّ الاسلام .
ثامناً: إنّ العدوّ قد فشل في أنْ يحقق أيَّاً من أهدافه الأمنية، فلم يتمكَّنَ من اطلاق سراح الأسرى، ولم يتمكَّن من أنْ يفكك حماس في فلسطين، ولا حزب الله في لبنان، ولم يتقدَّم في الجنوب اللبنانيّ، وسقطت قشرة البصل الحديدية، وانهار الردع الإسرائيليّ، وأصبحت مدن فلسطين المحتلة مسرحاً للضربات الصاروخية . نعم كلّ ما فعله العدوّ أنه مارس حرب الإبادة ضدّ الأطفال، وكشف عن وجهه القبيح أمام العالم، فأصبح قيحاً تتقيؤه الشعوب، وتلفظه لفظ النواة .
تاسعاً: خطاب نتنياهو الذي أكّد فيه أنه مضطرٌ لإيقاف الحرب؛ لأنّ «مخازنه فارغة» يكشف عن إدراكات الغرب وأمريكا أنّ المعركة فاشلة مع كلّ السلاح الذي أرسلوه إلى نتنياهو والأموال، وسوف تتغيّر المعادلات والعلاقات بين الديمقراطيين والجمهوريين، وبين أمريكا والكيان الغاصب، والايام قادمة.
عاشراً: إنّ حزب الله الذي فقد الآلاف من المجاهدين والأطفال والنساء، وعلى رأسهم القائد الفذ الشهيد نصر الله أثبت أنه معجزةُ العصر، بدعم الجمهورية الإسلاميّة في إيران، إذ أكَّد أنه متماسكٌ، وقادر، وقد خاض معركةً يعجز عن فهمها أيُّ أحد على وجه الأرض، قوّةً وقدرةً وثباتاً وشجاعةً وصبراً.
الحادي عشر: الجيبولتيك الشيعيّ الإسلاميّ « الأرض والثروات، والعقائد، والسيطرة على المنافذ، والقوّة الاقتصادية لساحات المقاومة» أحد أهمّ التحديات التي واجهت العدوّ، فاليمن له دورٌ، والعراق له دورٌ، وإيران لها أدوارٌ، فضلا عن دور لبنان وغَزَّة ،هذه الحقيقة الجديدة التي أدركها العدوّ أثبتت أنّ الجمهورية الاسلامية تمكَّنتْ من أنْ توسِّع خريطة النصر والجهاد، وتستنهض الشعوب، وتوجد محوراً إقليمياً يغيّر الموازين في المنطقة لصالح المقاومة، وهذه الجغرافيا السياسية التي تمتدُّ من إيران إلى العراق وسوريا ولبنان وغَزَة واليمن هي من عززت القوّة المقاومة، وأفشلت مخططات العدوّ.
الثاني عشر: كان العدوّ الفاشل نتنياهو يعلن من خلال الأمم المتحدة، ومن خلال التصريحات الكثيرة أنه يريد أن يغيّر خريطة الشرق الأوسط، أي إنهاء «الجيبولتيك الشيعي المقاوم»، وتبيَّنَ له ولغيره وللخليج وأمريكا وأُوربا والكيان بالدليل القاطع أنه خسر المعركة، وأنّ هذه القوّة المقاومة هي من تنهي العدوّ، وترسم مستقبل الشرق، وتنهي القطبية الاحادية .
الثالث عشر: من يراجع خطب الإمام الخامنئي ورسالته الكريمة إلى الشباب الأمريكيّ والعالم، سوف يتأكَّد من الحقيقة التي تجسَّدت بأنّ الشعوب الغربية والآسيوية والأفريقية وأغلب سكَّان الأرض امتلكوا وعياً جديداً عن المقاومة الحقَّة، وتصاعدت الكراهية للصهيونية القذرة، فيما مارسته من حرب إبادة .
الرابع عشر: انتهت خرائط واتفاقات كامب ديفيد وأُوسلوا ومؤتمرات التطبيع إلى المزابل، وعرف الجميع أنّ الدم هو من يحقق النصر، وهذا ما أدركه العدوّ الصهيونيّ، وكلّ المطبّعين .
نعم انتصرنا وخرجنا بأروع الدروس .
اليوم الخميس 28 / 11 / 2024 م
المزيد من المشاركات