رجال اليمن : صمود كربلائي في وجه التحديات..!
نور الجبوري
إنّ اليمن، هذا البلد الذي كتب تاريخه بمداد العزة والصمود، يقف شامخًا رغم المحن والأزمات التي تكالبت عليه من كل حدب وصوب
إنّ اليمن، هذا البلد الذي كتب تاريخه بمداد العزة والصمود، يقف شامخًا رغم المحن والأزمات التي تكالبت عليه من كل حدب وصوب. وكأنّ اليمنيين ورثوا عن الأحرار في كربلاء نفس الروح الثائرة، تلك التي لا تنحني أمام الجبابرة ولا تستسلم لغطرسة الطغاة. فكما كانت كربلاء مدرسة في التضحية والفداء، كذلك هي اليمن اليوم، ميدانًا تتجلى فيه أروع صور الثبات والإباء.
رجال اليمن الأباة هم أحفاد تاريخ مجيد، وجذورهم تضرب في أعماق الشجاعة التي أبت إلا أن تواجه كل التحديات. في مشهد يستحضر روح الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه، الذين صمدوا في كربلاء رغم قلة العدد وكثرة العدو، يقف اليمنيون اليوم بصدور عارية وعزيمة لا تلين، في مواجهة آلة الحرب التي لم تترك حجرًا ولا بشرًا إلا واستهدفته.
وما أعظم الصمود حين ينبثق من رحم المعاناة! فاليمنيون يعيشون حصارًا خانقًا منذ سنين يشتد يومًا بعد يوم، ومع ذلك لم تهن عزائمهم ولم تخبُ جذوة نضالهم. إنّهم يدركون، كما أدرك أهل كربلاء من قبلهم، أن القوة الحقيقية لا تكمن في السلاح فقط، بل في الإرادة. إرادة حرة لا تعرف الخضوع، وصوت ثائر يصرخ في وجه الظلم مهما بلغت تكاليف الثبات.
إنّ الصمود اليمني ليس مجرد موقف عابر أو رد فعل على عدوان آنيّ، بل هو حالة من الإيمان الراسخ بعدالة قضيتهم. فكما كان الإمام الحسين (عليه السلام) صوت الحق في وجه الباطل، يقف اليمنيون اليوم في خندق الحق، مدافعين عن كرامتهم ووجودهم، مؤمنين بأن النصر لا يتحقق إلا بالتضحيات الجسام.
وفي كل بيت يمني، نجد كربلاء جديدة؛ أمهات تودّع أبناءها وهم يسيرون نحو ميادين الشرف، أطفال يواجهون الجوع بالابتسامة والصبر، وشيوخ يحملون الحكمة والأمل رغم تعب السنين. كل ذلك يجعل من اليمنيين نموذجًا فريدًا في الثبات، يستحق أن يُخلَّد في صفحات التاريخ إلى جانب أبطال كربلاء.
وكما أن كربلاء ألهبت مشاعر الأحرار عبر العصور، فإنّ صمود اليمنيين اليوم يُلهم الشعوب المقهورة ويذكّرها بأنّ النصر دائمًا حليف من يقف مع الحق. إنهم يعلموننا أن الكرامة أغلى من الحياة، وأنّ الصبر زاد الثائرين، وأنّ الأمل هو سلاح لا يمكن للطغاة أن ينتزعوه مهما فعلوا.
رجال اليمن الأباة هم امتداد حيّ لروح كربلاء الخالدة. هم أولئك الذين يسطرون بدمائهم أروع ملاحم البطولة، موقنين بأنّ الغد يحمل لهم نصرًا مؤزرًا. وكما قال الحسين (عليه السلام): *“هيهات منا الذلة”، يقول اليمنيون اليوم بصوت واحد: لن نركع، وسنظل صامدين حتى تشرق شمس العدالة وتندحر قوى الظلام.