قراءة في خطاب الامام الخامنئي..!

الشيخ جمعة العطواني

القسم الاول

في ظل الزلزال الكبير الذي ضرب سوريا، وتداعيات ذلك على المنطقة باكملها، فضلا عن ايران، وفي ظل التكهنات بين اقصى اليمين واليسار، ظهرالامام الخامنئي ليوضح واقع محور المقاومة امام المتغيرات(المعقدة) في سوريا، وموقف ايران من النظام السوري، بل ومستقبل سوريا ايضا. ومن اهم النقاط المهمة التي ركز عليها الامام والتي فيها بعد فلسفي في سياسة ايران الخارجية وهي.

1- اكد الامام الخامنئي على نقطة سياسية مهمة وهي : ( لم ناخذ جيوشنا الى هناك لتحل محل جيوش ذلك البلد).

الامام ذكر ذلك في سياق معرفة متى تتدخل ايران؟ ومتى ترسل مستشاريها او حتى بعض قواتها الى هذا البلد او ذاك؟.

فتحدث عن الارهاب الذي ضرب العراق في عام 2014 ، والارهاب الذي ضرب سوريا في عام 2011 وما تلاها، اذ يؤكد الامام على ان موقف ايران هو موقف الداعم والمساند للدول وجيوشها ضد اي عدوان ارهابي او عدوان خارجي يريد ان يفتك بشعب ومكونات هذه الدولة او تلك، وهذه هي فلسفة الجمهورية الاسلامية في التعاطي مع الدول التي ترتبط بها بعلاقات سياسية وجعرافية واسلاميةز

وحتى في محاربة الارهاب او اي عدوان خارجي لهذه الدولة او تلك، فان يران لا تحارب بالنيابة عن جيوش والقوات المسلحة لتلك الدول بقدرما انها داعمة لتلك الدول ومساعدة لقواتها المسلحة .

من هنا فان ايران لم تدافع عن بشار الاسد بوصفه الشخصي، وانما دافعت عن الدولة السورية من الارهاب الذي دخل الى سوريا مدعوما من دول عدة بجنسيات متعددة، وقد راينا بام العين الطاجاكساتني والاوكراني والاوزبكي وغيرهم من مختلف الدول الجنسيات تجتاح سوريا وتفتك بالشعب وبالمكونات السورية، وهي ترفع شعارات طائفية مقيتة.

ولذلك عندما سقط نظام بشار الاسد بقيت ايران على موقفها الثابت في دعم الشعب السوري ووحدة اراضيه، وباختيار النظام السياسي الذي يحفظ وحدة النسيج الاجتماعي السوري، ويحافظ على وحدة الاراضي السورية .

بمعنى اخر فان يران لم تقف مع بشار الاسد في مقابل معارضة حقيقية معروفة الهوية والوطنية والانتماء لهذا الشعب، بل ان احدى المؤاخذات التي سجلتها ايران على بشار الاسد انه لم يسمع نصيحة ايران في الحوار والانفتاح على المعارضة السياسية وعلى المجتمع السوري.

من هنا يجب ان نفهم قول الامام الخامنئي( لا ناخذ جيوشنا هناك لتحل محل جيوش ذلك البلد)، فايران لا تقاتل بالنيابة عن الدول التي لديها جيوش، وانما هي تقدم المساعدة المطلوبة لتلك الدول.

نعم هي لا تقدم اية مساعدة لاي جيش يقوم بقمع شعبه لان هذا شان داخلي من جهة وظلم وانتهاك لحياة الشعوب. وانما تدعم الدول عندما التي تتعرض بلدانها الى عدوان خاري سواء اكان احتلالا اجنبيا، او احتلال ارهابيا.

اما النظر الى كون هذا النظام الذي تتعامل معه ايران دكتاتوريا او ديموقراطيا، فهذا شان داخلي لا تتدخل ايران بهذه التفاصيل، والا لو ان ايران ترفض بناء علاقات مع اية دولة فيها نظام ديكتاوري او قمعي فعليها ان تقطع علاقاتها مع اغلب الدول العربية وجميع الدول الخليجية، كون الانظمة في هذه الدول ليست نتاج لعملية سياسية ديموقراطية يحدد الشعب طبيعة هذا النظام او ذاك.

ايران تتعامل مع الانظمة الموجودة في دولها على ما هي عليه، وعلى اساس المصالح المشتركة والقضايا المصيرية، مثل استقرار المنطقة والوقوف مع الشعب الفلسطين وضد الهيمنة الغربية والامريكية، اما باقي التفاصيل الداخلية فهي ليست طرفا فيها، وانما الشعوب هي لتي تحدد مصيرها، وبعد ان تقوم الشعوب باي تغيير داخلي فان ايران تتعامل مع ذلك التغيير على انه شان داخلي، وتبني علاقاتها مع مخرجات ذلك التغيير.

نعم الامام الخامنئي تحدث بواقعية كبيرة جدا بان وجود ايران في تلك الدول التي ضربها الارهاب ليس دفاعا عن تلك الشعوب والدول فحسب، بل دفاعا عن المقدسات وعن الامن القومي الايراني ايضا، فقد اكد ان وجود ايران في سوريا والعراق لسببين وهما:

اولا- صون حرمة المقدسات في كلا البلدين، لان الجماعات الارهابية لا تمتلك بعدا روحيا، وهي تحمل عقيدة( النواصب ) في عدائها لاهل البيت واتباعهم ولمقدساتهم ايضا وسائر مقدسات المسلمين، وهذا الفكر التكفيري الذي ترفضه غالبية الشعوب الاسلامية والانظمة في المنطقة يبيح لايران ان تدخل الى تلك الدول بالتنسيق مع النظام الرسمي هناك للدفاع عن المقدسات هناك.

ثانيا- يتعلق بالامن القومي الايراني، بل والامن القومي لاي بلد يهدده الارهاب او يهدد مقدساته، فان وجود كبار المستشارين الايرانيين والمدربين في البلدان التي يضربها الارهاب بالاضافة الى الدفاع عن وحدة واستقرار ومقدسات تلك البلدان ايضا من اجل ان تدافع ايران عن اراضيها والمقدسات الموجودة في اراضيها ولكن خارج حدودها، ويستشهد الامام الخامنئي بقول امير المؤمين عليه السلام ( ما غزي قوم في عقر دارهم الا ذلوا).

وهذه هي فلسفة ايران السياسية في الملفات الخارجية، قد وضحها بشكل صريح وواقعي.

وفي الظروف السورية الحالية كان كبار العسكريين والسياسين على استعداد لتقديم كل المساعدات الانسانية والسياسية والعسكرية لسوريا الجديدة ، ولكن كما يقول الامام فان حظر الاجواء السورية من قبل الكيان الصهيوني حال دون ذلك، وهذا ما يؤكد ان ايران تتعامل مع دول وشعوب وليس مع اشخاص في تلك الدول.

المزيد من المشاركات
اترك تعليقا