المستضعفون ليسوا ضعفاء، بل هم أهل الحلم والأقوى..بوصلة المواقف..!

جليل هاشم البكاء

الفرق بين الضعيف والمستضعف فرق جوهري وعميق جدًا، لا يمكن إدراكه بمجرد النظر إلى الظاهر. قد يبدو المستضعف وكأنه ضعيف، ولكن قراءة دقيقة لجذور شخصيته تظهر الفارق الكبير. إذا تأملنا في حال الحليم والجبان، نجد تشابهًا ظاهريًا، لكن الجوهر يكشف أن الجبان تحركه مصلحته الخاصة وخوفه على نفسه، بينما الحليم يتحرك بدافع الحرص على المصلحة العامة، مما يجعله في مواجهة الابتزاز والاستضعاف من قبل أهل الباطل …

الضعفاء وأهل الباطل …

الضعفاء غالبًا ما يكونون قريبين من أهل الباطل، إذ يتحركون بدوافع شخصية تتسم بالخوف والأنانية، فيميلون إلى من يحقق لهم منافع دنيوية دون الالتفات إلى المبادئ. على النقيض، المستضعفون هم أهل الحق والحلم، يحملون على عاتقهم قيمًا ومبادئ سامية، ويواجهون الابتلاءات بصبر وإيمان. وهذا ما يجعلهم هدفًا للظالمين والمستبدين الذين يحاولون استغلال صبرهم وتحملهم …

المستضعفون في القرآن والسنة …

الله سبحانه وتعالى أوضح في كتابه العزيز موقفه من المستضعفين، حيث وعدهم بالنصر والتمكين، فقال …

ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين …

(القصص 5) …

هذا الوعد الإلهي يؤكد أن الاستضعاف ليس ضعفًا، بل هو مرحلة اختبار يُظهر فيها المستضعفون ثباتهم وإيمانهم بالله وعدله. إنهم لا يستسلمون للطغيان، بل يواجهونه بحلم وحكمة، مستندين إلى يقينهم بأن الله لن يخذلهم …

الحلم قوة وليس ضعفًا …

الحلم صفة عظيمة، تجمع بين قوة العقل وسعة الصدر، وتمكن الإنسان من اتخاذ القرارات الحكيمة بعيدًا عن الانفعال والاندفاع. لكن هذه الصفة قد تُفهم خطأً من قبل البعض على أنها ضعف، فيستغلها الخبثاء لتحقيق مآربهم. المستضعفون يدركون أن قوتهم تكمن في حلمهم، فهم ليسوا عاجزين عن الرد أو المواجهة، لكنهم يختارون الصبر والهدوء حفاظًا على المصلحة العامة، وابتغاءً لرضا الله …

وعد الله بالنصر …

المستضعفون ليسوا مجرد أفراد يعانون من الظلم، بل هم حاملو مشاعل الحق، الذين يقفون في وجه الظالمين بكل ما يملكون من إيمان ويقين بوعد الله. وعد الله واضح لا لبس فيه، كما قال …

إن الله يدافع عن الذين آمنوا

(الحج 38) …

وهذا الدفاع الإلهي يأتي لأن المستضعفين يعتمدون على الله وحده، ويدركون أن النصر الحقيقي لا يكون بالقوة المادية، بل بالإيمان الراسخ والتمسك بالحق …

الخلاصة ..

المستضعفون ليسوا ضعفاء، بل هم الأقوياء بحلمهم وإيمانهم وصبرهم. إنهم يعلمون أن الله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل، وأن الحق منتصر ولو طال الانتظار. فلا تخدعك مظاهر الاستضعاف، فهؤلاء هم الأئمة الذين سيجعلهم الله الوارثين، وسينصرهم على من ظلمهم، فهم بحق أهل الحلم والأقوى …

المزيد من المشاركات
اترك تعليقا